أنباء اليوم
الإثنين 15 سبتمبر 2025 02:54 مـ 22 ربيع أول 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي

مقبرة الملك بسوسنس الأول الكنز الملكي المنسي في تانيس

صورة توضيحية
صورة توضيحية


في قلب مدينة تانيس الأثرية، أو صان الحجر الحالية بمحافظة الشرقية، تقف مقبرة الملك بسوسنس الأول شاهدة على عصر من عصور مصر المنسية، لكنها لا تقل عظمة عن أشهر الاكتشافات الفرعونية. اكتشف عالم الآثار الفرنسي بيير مونتي المقبرة عام 1940، ليزيح الستار عن أحد أهم الاكتشافات الملكية منذ مقبرة توت عنخ آمون.
الملك بسوسنس الأول، ثالث ملوك الأسرة الحادية والعشرين، حكم مصر في فترة مضطربة سياسيًا، حيث كانت طيبة تحت سيطرة الكهنة، بينما حافظ هو على عاصمته في دلتا النيل. ورغم هذه الظروف، فقد حرص على تشييد مقبرة ملكية تحمل كل مظاهر الفخامة والخلود.
ما يميز مقبرة بسوسنس الأول أنها لم تُنهب بالكامل مثل معظم المقابر الملكية الأخرى، فاحتفظت بالكثير من الكنوز التي أدهشت علماء الآثار. ومن بين هذه الكنوز يبرز القناع الذهبي للملك، المصنوع من الذهب الخالص بدقة متناهية، ليكون ثاني أهم قناع ملكي بعد قناع توت عنخ آمون. كما عُثر على توابيت فريدة من نوعها مصنوعة من الفضة، وهو أمر نادر للغاية في مصر القديمة نظرًا لندرة هذا المعدن آنذاك، إضافة إلى الحلي الملكية والسيوف والخناجر المرصعة والأساور المزينة باسم الملك.
تكشف مقبرة بسوسنس الأول عن استمرار تقاليد الفن الجنائزي الفرعوني في فترة الانتقال الثالث، حيث تمازجت المظاهر الملكية مع تأثيرات سياسية واقتصادية ألقت بظلالها على مصر. ورغم أن اسم بسوسنس الأول لم ينل الشهرة التي حظي بها توت عنخ آمون، فإن مقبرته تظل شاهدًا على روعة الحضارة المصرية وقدرتها على الإبداع حتى في أزمنة الضعف.
اليوم، يحتفظ المتحف المصري بالتحرير بكنوز هذا الملك، ومنها القناع الذهبي والأسلحة الجنائزية الفاخرة، لتعيد إلى الذاكرة قصة الملك الذي أراد الخلود وسط صمت الرمال في تانيس، فصار مقبرته واحدة من أعظم الشواهد الأثرية على عظمة المصريين القدماء.