أسرار تانيس المدفونة عندما أعاد الفرنسي بيير مونتيه اكتشاف مقابر الفراعنة المنسية

في قلب دلتا النيل، وعلى أطراف محافظة الشرقية، ترقد مدينة تانيس الأثرية، العاصمة التي حملت يومًا راية مصر خلال حكم الأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين. ورغم أهميتها التاريخية، بقيت المدينة في طي النسيان حتى جاء عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه، ليقلب الموازين ويكشف عن مقابر ملكية لم تمتد إليها أيدي اللصوص، في واحدة من أعظم الاكتشافات بعد مقبرة توت عنخ آمون.
في عام 1929، بدأ مونتيه حفائره في منطقة صان الحجر، وظل يعمل هناك حتى عام 1951. لم يكن يدري أنه على موعد مع اكتشافات ستخلد اسمه في سجلات علم المصريات، وتفتح صفحة جديدة في تاريخ الملوك المنسيين.
كشفت حفائر مونتيه عن مقابر ملكية فريدة:
مقبرة الملك بسوسنس الأول: تابوت من الفضة الخالصة – معدن نادر في مصر القديمة – وقناع ذهبي مهيب ومجوهرات لا تقدر بثمن.
مقبرة الملك آمون إم أوبت: تابوت حجري ضخم وأساور ذهبية وأدوات جنائزية شاهدة على عظمة عصره.
مقبرة الملك شوشنق الثاني: قناع ذهبي وحُلي مرصعة بالأحجار الكريمة.
مقبرة الملك أوسركون الثاني: كنوز أثرية وتماثيل فاخرة.
هذه المقابر صمدت لآلاف السنين دون أن تُنهب، على عكس معظم المقابر الملكية في طيبة بالأقصر، وهو ما جعل اكتشافها حدثًا استثنائيًا.
ورغم عظمة الاكتشاف عام 1940، لم يحظ مونتيه ولا تانيس بالصدى الإعلامي الذي ناله كارتر عند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922. والسبب أن اكتشافات تانيس تزامنت مع أجواء الحرب العالمية الثانية، ما جعل الأضواء الإعلامية تنحسر عنها.
اليوم، تقبع كنوز تانيس في المتحف المصري بالتحرير، حيث يتأمل الزوار أقنعة ذهبية وتوابيت فضية ومجوهرات ملكية، تشهد جميعها على حضارة لم يطمسها النسيان، بل أعادها بيير مونتيه إلى الحياة.
أعادت حفائر مونتيه في تانيس كتابة فصل مجهول من التاريخ المصري القديم، ووضعت أمام العالم شواهد جديدة على براعة المصريين القدماء وعظمة ملوكهم، مؤكدة أن أرض مصر لا تزال تخفي بين رمالها الكثير من الأسرار التي تنتظر من يكشف عنها.