الخميس 28 مارس 2024 01:34 مـ 18 رمضان 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

ولاء مقدام تكتب: ”اضحك الصورة تقتلك”

أ/ ولاء مقدام
أ/ ولاء مقدام


من أجمل اختراعات الإنسانية فكرة الصور والتصوير بصورة عامة لأنها تعطي للإنسان إمكانية تسجيل لحظات الفرح ولحظات الإنجاز وأحياناً لحظات الحزن.

تقدم الصور والفيديوهات فرصة إلى الإنسان أن يشاهد تاريخ وشريط حياته يمر أمامه،

العصور السابقة تحسدنا نحن على التقدم التكنولوجي والتطور الذي أصبحنا فيه حيث أننا نستطيع توثيق كل لحظاتنا حتى نشاهدها بعد ذلك أو يشاهدها أبنائنا والأشخاص المحبين لنا.

عندما يتوفى شخص في العائلة أول شيء يحدث يبدأ أفراد الأسرة في مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو الخاصة به قد يكون بها مواساة لهم كلما اشتقنا لهم ذهبنا وشاهدنا أحبابنا وتذكرنا لحظاتنا السعيدة معهم، بل ذهب العلم لأكثر من ذلك أن هناك تطبيقات تكنولوجيا تجعل الصور الصماء تتحرك وتنظر لك وقد تستطيع أيضاً أن تضع عليها صوت وترى من رحل عن الدنيا كأنه حي أمامك ينظر لك. وكعادة الإنسان يكون الإختراع مفيد ويحوله الإنسان إلى اختراع مؤذي له ولغيره من البشر، فكما أن الصور والفيديوهات شيء أسعدنا وأضفى متعة على حياتنا، إلا أنه أصبح يمثل كابوس خطير على الإنسان والمجتمع بصفة عامة.

سوف نناقش فكرة التصوير ونشر مقاطع الفديو على الإنترنت من أجل الترندات أو المكاسب المادية من خلال السطور القادمة.

ماذا يعني ترند؟
من يقوم بنشر هذه الترندات؟
هل نشر مقاطع الفديوهات مربحة؟
ما أثرها على المجتمع؟
كيفية الحد من هذة الظاهرة؟


الترند يكون الحدث الأكثر شهرة على كل منصات السوشيال ميديا مثل الفيس بوك واليوتيوب وتويتر والتيك توك وسناب شات وغيرها، وبذلك قد يستمر أسبوع مثلاً أو يوم أو حتى فترة أطول على حسب الأبطال وحسب القصة التى يتناولها الترند.


من يقوم بنشر هذا الترند؟

قد يكون الشخص صاحب الفديو نفسه هو من يقوم بنشر وترويجه عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة به، أو قد ينشره أشخاص بعيدون ليس لهم علاقة ببطل القصة، مثلاً شخص رأى مشهد أمامه في قطار أو اتوبيس أو في الشارع يقوم بتصوير الحدث ونشره على وسائل التواصل وبذلك قد يؤذي أشخاص وقد يتسبب في تدمير حياتهم لأنه في الغالب تكون الأحداث سلبية وليست إيجابية، كمثال رقص المعلمة في رحلة مدرسية، أو ضرب عروس من عريسها في ليلة الزفاف، وأخيراً وصل الأمر إلى تصوير جرائم تحدث في الشارع، فبدلاً من القبض على المجرم يكون الحل الأمثل في تصويره وبذلك يضمن الربح والأسبقية فى نشر الخبر بدون مراعاة لحرمة أو خصوصية أو حتى إنسانية، لاتجد كثيراً من يفكر في مصير الأشخاص أبطال الفيديوهات وذويهم وقد نسوا ما وصانا به ديننا الحنيف "من ستر مسلم ستره الله يوم القيامة.." .المهم الربح واسبقية نشر الخبر.


لكن لماذا يقوم الأشخاص بنشر مقاطع الفديو سواء هم قاموا بنشرها أو نشرها آخرون؟

الهدف العام هو الربح حيث أن كلما زادت نسبة المشاهدة على مواقع التواصل كلما حصل الربح المادي والمعنوي كالشهرة حتى لو كانت سلبية، فسوف تجد على منصات التواصل الإجتماعي محتويات مقززة ولكن أبطالها مشهورون، هم لديهم شهرة سلبية وأغلب التعليقات لديهم تعليقات سلبية ولكن سوف تجد أنهم حققوا ما يتمنوا من الشهرة والمكاسب المادية واهتمام العامة بهم، كل ذلك بسبب نقص الوعي العام وثقافة الشعب في مشاهدة ما يزيد من القدرات وفلترة ما يجب أن يشاهدوا، الهدف الأول والأخير هو المادة والشهرة بغض النظر عن الأخلاق والإحترام وتقدير الآخرين.

فد تجد أزواجاً تعلن عن حياتها بصورة يومية .. الأكل، الملبس، الفسح وكأننا نحيا معهم، يصورون لنا الأماكن الجميلة والمقتنيات باهظة الثمن وأهم ما فى الموضوع أن نضغط إعجاب (لايك) ومتابعة وأن ننشر مقطع الفديو، ومسابقات وحفلات وإعلانات كلها حياة زيف وليس بها أي شيء من واقع الحياة غير أنها مجرد متاجرة بمشاعر العامة الساذجة.


هل لمثل هذه الأفعال أثرها على المجتمع؟

نعم إذا كان الشخص هو من ينشر مقاطع الفديو الخاصة بحياته في أغلب الأوقات يحدث نوع من الإكتئاب للمشاهد لانه يشاهد قصور ومناظر خلابة، يشاهد فتيات في منتهى الجمال من كثرة استخدام الفلاتر ومساحيق التجميل وينظر الشاب والفتاة إلى حياتهم يجدوا أنفسهم تروس في آلة الحياة مطحونين وليس لديهم من متع الحياة مثل هؤلاء النجوم، قد يعزفوا عن العمل أو حتى قد يحاولوا تقليد نفس نمط هذه الحياة وبذلك نجد شعب متكاسل يقضي طوال اليوم فى الايف ومشاهدة عدد اللايكات والمتابعة.


أما إذا كان نشر مقطع الفديو بدون علم صاحبها فذلك جريمة ليس من حق أحد أن يخترق خصوصية أحد، وليس من حق أحد أن يشهر بشخص آخر لأن ذلك سوف يسبب دمار ليس فقط للشخص بطل الفديو بل يمتد لعائلته وجميع المحيطين به، ولابد من تفعيل قوانين صارمة تجرم نشر مقاطع فديوهات أو صور بدون علم أصحابها، ليس من حق أي شخص أن يفعل ذلك، ليس لمجرد أنك تحمل محمول به كاميرا تستطيع أن تخترق خصوصية الآخرين إنما لحياة الناس حرمة لابد أن نراعيها ولابد عقاب صارم.


إذا تحدثنا عن الواقع نجد أن الحد من هذه الظاهرة صعب لأنها أصبحت شيء متأصل ودليل على التقدم والرقي، لكن لابد من تربية الأبناء على احترام خصوصية الأفراد، ويجب وضع ذلك في مناهج المدارس والجامعات ولابد من عقاب فوري لمن يثبت أنه يصور أو ينشر شيء لا يخصه سواء بالحبس أو الغرامة القصوى،

ذإا كنا نريد جيل متعلم .. جيل مثقف .. جيل يستخدم التكنولوجيا بصورة فعالة لبناء الأوطان يجب وقف جميع برامج التواصل الإجتماعي الغير هادفة التي تضيع الوقت واستبدالها بمواقع عربية تحمل الهوية العربية والشرقية حتى يتم بث الأفكار التي نرغبها في مجتمعنا،

فمن قام بصنع هذا التطبيقات لا يستخدمها، إنهم فقط يتربحون منها، وبالتأكيد لن نستطيع منع أطفالنا من مواكبة التقدم، لكن على الأقل لابد من وضع قيود لما يتم مشاهدته.

أما بالنسبة للأشخاص التي تعرض حياتها على قنوات اليوتيوب نحن من يساعدهم على ذلك، لابد من الإمتناع عن مشاهدة مثل هذة الفديوهات أو عمل لايك لهم فإنهم يسرقوننا مرتين مرة يسرقوا وقتنا وهو أغلى ما نملك ومرة أخرى يسرقوا أموالنا لأنهم يربحوا من عدد اللايكات والإعجابات ونشر هذه الفيديوهات.

توقف عن صنع أبطال وهمية فأنت من تعطي الفرصة لهم فى الشهرة، فلا يستحق الحياة من يهدر وقته ويضيع عمره في صنع أبطال مزيفين.