أنباء اليوم
الخميس 18 ديسمبر 2025 09:36 مـ 27 جمادى آخر 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
المغرب بطلاً لكأس العرب بعد فوزه على الأردن «عايزين الثامنة».. اورنچ تغيّر اسم شبكتها دعمًا للمنتخب الوطني في الأمم الأفريقية نقيب التمريض تتسلم جائزة مجلس وزراء الصحة العرب في تعليم التمريض والقبالة لعام 2025 محافظ الجيزة يوجّه بإجراءات تنفيذية لدعم كفاءة المرافق بقطاع حدائق الأهرام تاريخ سليم باشا السلحدار أحد رجالات الدولة المصرية في عصر محمد علي باشا وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية ناميبيا لتعزيز التعاون الثنائي رئيس مجلس وزراء الجمهورية اللبنانية يستقبل الدكتور مصطفى مدبولي بمطار رفيق الحريري الدولي محافظ أسوان يشيد بمبادرة جامعة العبور لإهداء 10 منح دراسية لأبناء المحافظة إنقاذ تركيبات مدفن سليم باشا السلحدار .. صون ذاكرة الدولة المصرية الحديثة في جبانة الإمام الشافعي كاف يعقد اجتماعًا تنظيميًا لمنتخب مصر قبل انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية كاف يمنح صلاح شهادة مشاركة منتخب مصر في النسخة الـ 35 من كأس الأمم الأفريقية ”الوطنية للانتخابات” تعقد مؤتمرًا ظهر غد لإعلان نتائج 30 دائرة في المرحلة الأولى من انتخابات ”النواب”

زودياك دندرة اللوحة السماوية التي سجّلت عبقرية المصريين القدماء


في قلب صعيد مصر، وعلى سقف معبد حتحور بدندرة، يتربع عمل فني علمي روحي فريد يُعرف باسم «زودياك دندرة»، لوحة سماوية جمعت بين الفن والفلك والدين في آن واحد. هذا الزودياك، الذي يُعدّ واحداً من أبرز المعالم الأثرية الفلكية في مصر القديمة، أثار اهتمام العلماء والباحثين منذ اكتشافه وحتى اليوم.

يقع المعبد في منطقة دندرة شمال مدينة قنا، وهو مخصص لعبادة الإلهة حتحور، وقد منح سقفه الفرصة لعرض الزودياك بشكل دائري كامل، وهو أسلوب نادر في الفن المصري القديم مقارنة بالنقوش المستطيلة المعتادة. يُظهر الزودياك دائرة مركزية تضم النجوم الشمالية، بالإضافة إلى الأبراج الاثني عشر التي تمثّل أشهر الكوكبات، مثل الحمل والثور والعقرب والجدي، إلى جانب تصوير خمسة كواكب معروفة في ذلك الوقت، وربما الكسوفين الشمسي والقمري بأسلوب رمزي. وتحيط بهذه الدائرة 36 مجموعة نجمية تُعرف بالديكانات، التي استخدمها المصريون القدماء لتقسيم الليل والسنّة ورصد الظواهر الفلكية.

أما تاريخ الزودياك، فقد أثار جدلاً بين الباحثين. فبينما رجّح بعض العلماء القدماء أن يعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، تميل الدراسات الحديثة إلى تأريخه إلى العصر البطلمي أو بداية العصر الروماني حوالي عام 50 قبل الميلاد، استناداً إلى التأثيرات الهلنستية على الرسوم وتحليل مواقع الكواكب.

ولم يقتصر جدل الزودياك على تأريخه فقط، بل شمل نقل اللوحة نفسها. ففي أوائل القرن التاسع عشر، خلال حملة نابليون بونابرت على مصر، تم تسجيل اللوحة ورسمها في مؤلفات الحملة، قبل أن تُنقل قطعة الزودياك الأصلية إلى فرنسا، حيث تُعرض اليوم في متحف اللوفر بباريس، في خطوة أثارت نقاشات حول حقوق التراث الثقافي والهوية الوطنية للآثار المصرية.

يحمل زودياك دندرة رسائل عميقة عن رؤية المصريين القدماء للكون والإنسان وعلاقتهما بالطبيعة والقوى الإلهية. فالنجوم والكواكب لم تكن مجرد ظواهر طبيعية، بل رموز تعكس طقوساً دينية ومعتقدات روحية، كما أن تقسيم الليل والسنّة عبر الديكانات يدلّ على مستوى متقدم من التنظيم الزمني وفهم الظواهر الفلكية.

اليوم، يظل زودياك دندرة شاهداً على عبقرية المصريين القدماء، ورمزاً للتلاقح الحضاري بين مصر القديمة والعصر الهلنستي، ومثالاً على ضرورة حماية التراث الثقافي في مكانه. اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل نافذة على عالمٍ قديم استطاع الإنسان فيه الجمع بين العلم والدين والفن في لوحة واحدة، تحاكي السماء وتروي قصة حضارة استمرت آلاف السنين.