محمود سامي البارودي رحيل رب السيف والقلم في مثل هذا اليوم
في مثل هذا اليوم 12 ديسمبر 1904، رحل عن عالمنا محمود سامي البارودي، أحد أعلام الشعر المصري الحديث وأبرز رموز الحركة الوطنية في القرن التاسع عشر. لقب بـ «رب السيف والقلم» لأنه جمع بين القوة العسكرية والعمق الشعري، فكان شاعرًا وطنيًا وضابطًا مخلصًا لأمته، ولعب دورًا بارزًا في الثورة العرابية ضد النفوذ الأجنبي، وساهم في رفع الوعي السياسي بين المصريين في تلك الحقبة.
ولد البارودي في القاهرة عام 1839، وتلقى تعليمه في المدرسة الحربية، وتدرّج في المناصب العسكرية، لكنه لم يقتصر على الحياة العسكرية، بل غاص في بحر الشعر الذي جمع فيه بين التراث العربي والروح الوطنية الحديثة، فشكل مدرسة شعرية جديدة تُعرف باسم مدرسة البعث والإحياء. تميز شعره بالقوة والعمق، وقدرته على التعبير عن قضايا الأمة وآمالها، مما أكسبه مكانة مرموقة بين الشعراء المعاصرين، وكان قدوة لأجيال لاحقة من الأدباء، منهم أحمد شوقي.
لم تكن حياة البارودي مقتصرة على الأدب والسياسة فحسب، بل شهد تحولات كبيرة في مصر، وعاش فترة النفي بعد الثورة العرابية قبل أن يعود ليواصل دوره الثقافي والسياسي حتى وفاته. ودفن البارودي في مقبرة الإمام الشافعي بالقاهرة، وهي مقبرة تاريخية تُعد من أقدم وأهم المقابر في المدينة، وقد كانت شاهدة على مكانته الوطنية والأدبية.
يبقى البارودي في ذاكرة المصريين كشاعرٍ لم يزل صوته حاضرًا في دواوينه، وكسياسيٍ عاصر صراعات وطنه ولم يتخلَّ عن مبادئه، فذاكرته حيّة في الثقافة المصرية، وتذكّرنا هذه الذكرى بأهمية الجمع بين الكلمة والعمل في سبيل الوطن، وأن التاريخ يخلّد من يربط بين الفكر والالتزام الوطني.

