قريباً في المتحف المصري الكبير الدليل الأول على وجود مقبرة الملك توت عنخ آمون قبل اكتشافها عام 1922

في تطور جديد يربط بين خيوط التاريخ والاكتشاف الأثري، يستعد المتحف المصري الكبير لعرض إناء نادر من الفاينس الأزرق يحمل اسم عرش الملك توت عنخ آمون (نب خبرو رع)، وهو من أوائل الأدلة التي أشارت إلى وجود مقبرة ملكية للفرعون الشاب قبل أن يُعثر عليها رسميًا على يد هوارد كارتر عام 1922.
هذا الإناء الثمين عُثر عليه بواسطة عالم الآثار إدوارد آيرتون أسفل صخرة بالقرب من المقبرة KV58 في وادي الملوك، وهي المقبرة التي اكتشفها لاحقًا عالم الآثار إرنست هارولد جونز عام 1909، وعُرفت باسم “مقبرة العربات” أو “مقبرة المركبة الحربية”، بسبب ما وُجد بداخلها من رقائق ذهبية تحمل أسماء وألقاب الملك توت عنخ آمون.
هذا الكشف، الذي يعود لأكثر من عقد قبل اكتشاف المقبرة الملكية نفسها، كان أول دليل مادي على أن هناك ملكًا مصريًا اسمه توت عنخ آمون له مقبرة ملكية في وادي الملوك. وقد أثار ذلك اهتمام الأوساط الأثرية حينها، لكنه لم يُفضِ إلى اكتشاف المقبرة الحقيقية التي بقيت لغزًا لعشرات السنين.
بدأت الحكاية عام 1909 حين عثر علماء الآثار في وادي الملوك على قطع صغيرة من الذهب والفاينس تحمل اسم الملك، لكن المقبرة أو المومياء لم يُعثر عليهما بعد. ورغم أن العديد من الخبراء اعتقدوا أن المنطقة قد نُقبت بالكامل، فإن عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر كان يؤمن بأن مقبرة توت ما زالت مدفونة في مكان ما تحت الرمال.
في عام 1917، بدأ كارتر، بتمويل من اللورد كارنارفون، بحثه المنهجي عن المقبرة المفقودة. حفر الفريق لسنوات بصبر شديد دون نتيجة تُذكر، حتى كاد التمويل يتوقف. لكن إصرار كارتر جعله يطلب فرصة أخيرة للاستمرار. وبعد ثلاثة أيام فقط من بدء الحفر مجددًا، عثروا على أول درجة مدفونة في الرمال.
القصة التي رواها التاريخ تبدأ هنا: الطفل عبد الرسول، أحد أبناء العاملين في الموقع، اكتشف أولى درجات السلم المؤدي إلى المقبرة. وبإزالة الرمال، ظهرت درجات أخرى تقود إلى باب مغلق عليه أختام ملكية باسم توت عنخ آمون. وهكذا بدأ أعظم اكتشاف أثري في القرن العشرين.
اليوم، يعيد المتحف المصري الكبير تقديم هذه القصة من بدايتها، من خلال عرض الإناء الذي سبق الاكتشاف العظيم بأكثر من 13 عامًا، كقطعة تحمل بين طياتها لحظة ما قبل التاريخ، حين كان اسم توت عنخ آمون معروفًا… لكن مقبرته لم تكن قد أُضيء عليها بعد.