يوماً ما سألته؟
بقلم - هبه قاسم
حينما شعرت بيوم من الايام انني ربما افتقده
واشتد عليه المرض، خطر ببالي ان اسأله رغم اني اعلم الجواب ولكنني اهرب خوفاً من الحقيقة كالطفلة الصغيرة .
أبي إلى أين أنت ذاهب برحلتك هذه المره ؟
ولِمٕ لاتنظر لعيني وانا احادثك اانت حزين مني؟
فنظر لي وهو يخفى دموع عينه متألم لقلبي المفطور عليه من البكاء .
فقال: صغيرتي لا تحزني فقد اقتربت نهاية رحلتي بقطار الدنيا واخاف الرحيل وانا أراكِ حزينة مكسورة هكذا.
فاي قطار ورحله تتحدث عنها ابي وانا مازلت احتاج إليك؟!
ابنت عمري الغالية سأستقل قطار دار الحق وسانتظر هناك فلا تستعجلي الرحيل واستعيني بالصبر والصلاة.
فكيف ياابي لااستعجل الرحيل مادمت ستتركني وحيده.
حبيبتي ياليتني استطيع البقاء ولكنها إرادة الله وحال الدنيا...فنحن لسنا مخلدون عليها وبقائنا ليس حياة أبدية بها ... منذ أن هبط عليها ابونا آدم وأمنا حوّاء ونحن نعلم اننا اموات أبناء اموات... اتتذكري ذلك اليوم الذي اخبرتك فيه انه بيوم من الايام ساسافر سفر بعيد ولن أعود بل ستاتي لي انتِ ونعيش سويا بدار الحق مع كل من احببناهم بالدنيا.
نعم اتذكر ولكنك لم تخبرني متى سيكون هذا اليوم؟
حبيبتي الصغيرة ومن منا يعلم يوم الرحيل لدار الحق غير الله سبحانه وتعالى.
ابي ونور عيني امعني ذلك أن رحيلك سيطول هذه المره ؟
نعم حبيبتي سيطول إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ثم نلتقي مجدداً بجنة الخلد .
فكيف ستكون هناك ابي؟ وماذا اخذت معكَ من الزاد ليعينك برحلتك ؟
اطمئني حبيبتي سوف أكون بخير بفضل عناية الله ورحمته و معي زادًا ادعوا الله أن يكفيني ولكنني خائف بأن لايكفيني برحلتي... فهل لي أن اطلب منكِ ان ترسلي لي زادًا كلما تذكرتيني؟
فكيف لا ارسله لك مادمت احيا واقوي على الحياة ابي.
عجباً ابي اري قلبك وروحك تشتاق لرحلة دار الحق!؟
نعم اشتاق لاني اغمرت قلبي وروحي طوال حياتي بحب الله ورسوله مؤمن مؤحد بالله الواحد الأحد... فالحمد لله منذ أن كبرت واصبحت افرق بين الحلال والحرام وانا اعلم انها دار الباطل ولكني اجتهدت بأن اعيش بها وكانها دار الحق، وكل ماكان يشغلني بها هو ادخار وجمع أفضل زاد منها استعداد ليوم رحيلي، فقد جمعت رضا الله وطاعته ورضا والديا ، واتقيت الله في زوجتي واحسنت تربية اولادي وزرعت فيهم الايمان بالله ورسوله وماظلمت روح من خلق الله وما تركت صلاتي حتى مماتي، واتقيت الله بعملي، فيشهد الله ما اخذت من الدنيا الا جمع الحسنات وكل مايرضي الله وتركت لها الشر والباطل ومااشتهيت منها الا ماحلله الله لي ولعائلتي، كل هذا بقلب راضي خاشع لله ... فلا تحزني ولا تقلقي عليا ولا تعترضي علي أمر قدره الله لي ولكم، وادعي لي الله أن يغفر لي ويرحمني ويعفو عني فهذا زادي فبالله عليكِ لاتنقصية ولا تقطعية عني فأنا ساحتاج له دوما.
أعدك ابي لن انسي ولن انقصه ولا اقطعه مهما اغوتني الدنيا ببريقها الزائف، وسوف اكون خير سلف لك حتى التقي بكَ مجدداً.
حبيبتي الان اطمئن قلبي عليكِ وسانتظرك فور ان تنتهي رحلتك. بشرط أن تجتهدي على طاعة الله ورسوله ولا تغرك الدنيا وزينتها، فالكفن ليس له جيوب، واعلمي رغم اني رحلت ولن تريني ابدا، إن الله باقي وحي لايموت هو لكِ أقرب مني ومن نفسك تحدثي إليه بكل وقت فهو سميع عليم مجيب دعوة الداعي، فلاتبخلي عليه بالتقرب والطاعة لن يبخل عنكِ بكرمه وعطاه ورعايته... وتذكري ان قطار دار الباطل سريع ويلهي الإنسان عن قطار دار الحق وطاعة الله ... وسامحيني حبيبتي لن أستطع اصطحابك معي هذه المره لانها رحلتي اناوحدي بأمر من الله ولكن لنا لقاء آخر سوف اصطحبك فيه ونتجول في الفردوس الأعلى من الجنة .
رحم الله ابي الغالي واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة هو وكل عزيز وغالي افتقدناه.
