إياك والتجاهل
تمرّ بنا الحياة ونتعرّض لكثير من المواقف والضغوط، ونقابل أشخاصًا؛ منهم من هو قريب لقلوبنا وجزء منّا، ومنهم من نتعرّف عليه مع الوقت وربما يصبح له مكانة في قلوبنا. فمكان الإنسان في القلب غير مرتبط بالعمر الزمني للمعرفة، فربما شخص تتعرّف عليه قريبًا يصبح أقرب ما يكون لقلبك، وتعرف آخر منذ زمن ويتّضح أنك لا تعرفه. وإن كنت لا أنكر أنه حينما يجتمع الزمن مع الحب يصبح الرابط أكثر قوة.
ما أريد قوله أن العلاقات الإنسانية لا تُقاس بمؤشر الزمن، وإنما بمؤشر أقوى غير مرئي، ومحله القلب.
المشكلة أن هذا المؤشر، رغم أهميته، للأسف حساس، فيتأثر بأبسط الأشياء.
يتحرّك المؤشر بالحب، ويرتفع مع كلمة بسيطة ممن نحب، ومع لحظة اهتمام ممن أمامك، ومع أي موقف يشعرك بأن من أمامك معك.
لكن ماذا إذا دخلت بعض المواقف البسيطة التي يمكن أن تُنغّص تلك العلاقة؟
الأمر أبسط ما يكون إذا كان من تحبه تعلم أنه يحبك، وأنه يستحق فعليك بنسيان صغائر الأمور، والتغافل عنها إذا كانت غير ذات قيمة، فلا تجعلها تراكمية لتنفجر فجأة مع الزمن، وإنما امحُها من الذاكرة أولًا بأول.
لكن انتبه، حاذر من التجاهل، فهذا هو الطامة الكبرى.
التجاهل هو عدم الاهتمام، وهو بالنسبة لي نوع من الازدراء، وأنا شخصيًا إذا تجاهلني شخص، أيًّا كانت مكانته عندي أو وضعه، ممكن أن أخرجه من حياتي كلها.
فلا يراهن أي أحد، متجاهلًا الآخر، على مكانته عنده، لأنه بالتأكيد سوف يفقد تلك المكانة.
لنتعامل معًا بالحب، وبالود، وبالعلاقات الطيبة المتسامحة، ولنغفر لبعضنا بعض الزلات غير المقصودة، ولكن دون تجاهل.
فالتجاهل هو العدو الأول لأي محبة، وقادر على أن يغيّر اتجاهها بزاوية كبيرة جدًا.

