ذكرى وفاة محمود سامي البارودي رائد الشعر الوطني ومديح الرسول ﷺ
تمر علينا اليوم ذكرى وفاة محمود سامي باشا البارودي (1839–1904)، أحد أعظم شعراء مصر في القرن التاسع عشر، المعروف بلقب ربّ السيف والقلم، لما جمع بين الحياة العسكرية والسياسة والإبداع الأدبي. البارودي لم يكن مجرد شاعر، بل كان رمزًا للنهضة الفكرية في مصر، جمع بين الحماسة الوطنية، والمديح النبوي، والحكمة العربية في أشعاره، وصار مدرسة في حد ذاته للشعر الحديث.
من أبرز أعماله الأدبية القصيدة الخالدة «كشف الغمّة في مدح سيد الأمة ﷺ»، التي تمثل نموذجًا رائعًا من المدائح النبوية، حيث دمج فيها البارودي بين السرد الشعري لسيرة النبي ﷺ وبيان صفاته العظيمة، وصور الطبيعة التي تزين القصيدة بالخيال البديع. وقد كتب البارودي هذه القصيدة مستلهمًا من المدرسة العربية الكلاسيكية، مع روح العصر الحديث، فأصبحت مصدر إلهام للأجيال اللاحقة من الشعراء والمثقفين.
يُعدّ ديوان البارودي تحفة فنية تجمع بين المدائح والحماسة والفخر والغزل والحكمة، ويُخلّد فيه في أبياته قِيَم الشجاعة، والنبل، والوفاء للوطن، ويمتزج في نصوصه الذوق الأدبي الراقي مع المعاني الوطنية العميقة. ورغم مرور أكثر من قرن على وفاته، يظل تأثيره حاضرًا في الأدب العربي، إذ يدرس شعره في المناهج الأدبية، ويُحتفى به في المناسبات الثقافية والأدبية.
وسيتم عرض جزء من القصيدة * يا رَائِدَ البَرقِ يَمّمِ دارَةَ العَلَمِ وَاحدُ الغَمامَ إِلى حَيٍّ بِذِي سَلَمِ
وَإِن مَرَرتَ عَلى الرَّوحاءِ فَامرِ لَها أَخلافَ سارِيَةٍ هَتّانَةِ الدِّيَمِ
مِنَ الغِزارِ الَّلواتي في حَوالِبِها رِيُّ النَّواهِلِ مِن زَرعٍ وَمِن نَعَمِ
إِذا اِستَهَلَّت بِأَرضٍ نَمنَمَت يَدُها بُرداً مِنَ النَّورِ يَكسُو عارِيَ الأَكَمِ
تَرى النَّباتَ بِها خُضراً سَنابِلُهُ يَختالُ في حُلَّةٍ مَوشِيَّةِ العَلَمِ
أَدعُو إِلى الدَّارِ بِالسُّقيا وَبِي ظَمَأٌ أَحَقُّ بِالريِّ لَكِنّي أَخُو كَرَمِ
مَنازِلٌ لِهَواها بَينَ جانِحَتي وَدِيعَةٌ سِرُّها لَم يَتَّصِل بِفَمي
إِذا تَنَسَّمتُ مِنها نَفحَةً لَعِبَت بِيَ الصَبابَةُ لِعبَ الريحِ بِالعَلَمِ
أَدِر عَلى السَّمعِ ذِكراها فَإِنَّ لَها في القَلبِ مَنزِلَةً مَرعِيَّةَ الذِمَمِ
عَهْدٌ تَوَلّى وَأَبقى في الفُؤادِ لَهُ شَوقاً يَفُلُّ شَباةَ الرَأيِ وَالهِمَمِ *
في هذه الذكرى، نستذكر حياة البارودي ومسيرته الشعرية والسياسية، ونقرأ في أعماله تأملًا في الإبداع الذي جمع بين قوة الفكر وروعة الكلمة، وترك إرثًا خالدًا في الأدب العربي، جعل منه أحد أهم أعلام الشعر الوطني والمديح النبوي في مصر والعالم العربي.
بجوار الأولياء والصالحين دفن رمز مصر العظيم محمود سامي البارودي الذي يجاور الامام ورش والإمام الطحاوي والإمام المزني و الامام الشافعي و الامام الليث بن سعد وغيرهم دفنوا من العلماء وال البيت الكرام في الامام الشافعي.

