خالد العناني مرشح مصر والعرب لقيادة اليونسكو

في خضم المعترك الدولي على قيادة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، يبرز اسم الدكتور خالد العناني كمرشح مصري يجمع بين الخبرة الأكاديمية والرؤية التنفيذية في مجال الثقافة والآثار، في ترشيح يعكس طموح القاهرة لتمثيل العالم العربي وأفريقيا على منصة ثقافية عالمية، ويسلط الضوء على ملف التراث المصري باعتباره ركيزة من ركائز الهوية الوطنية.
وُلد خالد أحمد العناني في 14 مارس عام 1971 بمحافظة الجيزة، وتخرج في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، قسم الإرشاد السياحي، ثم واصل دراساته العليا في علم المصريات بجامعة بول فاليري مونبلييه في فرنسا، حيث حصل على درجة الدكتوراه عام 2001. عرف منذ بداياته بشغفه بعلم المصريات والبحث في التراث المصري، وتدرج في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذًا بجامعة حلوان وعضوًا في عدد من الهيئات البحثية الدولية المتخصصة في الآثار.
تولى العناني حقيبة وزارة الآثار في مارس 2016، قبل أن يجمع بين السياحة والآثار معًا في ديسمبر 2019 وحتى أغسطس 2022، ليقود مرحلة من النشاط الملحوظ في حماية التراث المصري وتنشيط السياحة الثقافية. وخلال سنوات عمله الوزاري، أشرف على افتتاح عدد كبير من المتاحف الجديدة مثل المتحف القومي للحضارة المصرية ومتحف المركبات الملكية، ومتاحف في الغردقة وكفر الشيخ، إلى جانب ترميم مواقع أثرية كبرى مثل هرم زوسر والقصور والمقابر الإسلامية التاريخية. كما شهد عهده تنظيم حدث عالمي فريد هو «موكب المومياوات الملكية»، الذي خطف أنظار العالم وأعاد تسليط الضوء على عظمة الحضارة المصرية القديمة.
لم تقتصر إنجازاته على الداخل، بل عمل أيضًا على مكافحة تهريب الآثار والتعاون مع المؤسسات الدولية لاسترداد القطع المسروقة وتعزيز التعاون في مجالات حماية التراث. ونجح في ربط الثقافة بالتنمية المستدامة عبر إشراك المجتمعات المحلية في إدارة المواقع الأثرية وتطوير الخدمات داخل المتاحف لتشجيع السياحة الثقافية. وقد وصفه عالم المصريات زاهي حواس بأنه شخصية دقيقة في قراراتها وقادرة على العمل بروح الفريق، مما يعزز فرص نجاحه في أي موقع دولي يتولاه.
في أبريل 2023 أعلنت مصر رسميًا ترشيح الدكتور خالد العناني لمنصب المدير العام لليونسكو للفترة من 2025 إلى 2029، ليبدأ رحلة دبلوماسية وثقافية كبيرة مدعومة من الدولة المصرية ومن عدد من الدول العربية والأفريقية. اعتمدت جامعة الدول العربية ترشيحه ليكون المرشح العربي الوحيد، كما حصل على دعم الاتحاد الأفريقي، إلى جانب تأييد عدد من الدول مثل فرنسا وإسبانيا وتركيا والبرازيل. وخلال جولاته الدولية للترويج لحملته التي رفع فيها شعار «اليونسكو من أجل الشعوب»، عرض العناني رؤيته لعمل المنظمة في تعزيز حماية التراث العالمي وتطوير التعليم والبحث العلمي بما يخدم المجتمعات ويقرب الثقافات.
ويخوض العناني سباقًا ليس سهلًا على قيادة منظمة كبرى تتداخل فيها الأبعاد السياسية والثقافية، في مواجهة مرشحين ذوي خبرة طويلة داخل اليونسكو. ومع ذلك، فإن ما يمتلكه من رصيد أكاديمي وإنجازات تنفيذية ودعم إقليمي ودولي يمنحه فرصة حقيقية لأن يكون أول مدير عام عربي في تاريخ المنظمة وثاني إفريقي يتولى هذا المنصب بعد السنغالي أمادو مبو.
ترشيح خالد العناني يعكس إدراك مصر لأهمية القوة الناعمة ودورها في الدفاع عن التراث الإنساني المشترك، ويعيد تقديم الشخصية المصرية في صورتها الثقافية والحضارية للعالم. وإن فاز بهذا المنصب، فسيكون تتويجًا لمسيرة علمية وإدارية حافلة، ورسالة مفادها أن حماية التراث والثقافة ليست مسؤولية محلية، بل قضية عالمية تحتاج إلى قيادة تؤمن بأن الحضارات تتواصل ولا تتنافس.