مقبرة خنتي كا من عصر الملك تيتي بمقابر سقارة

بعد مرور أكثر من مائة عام على أول أعمال التنقيب في شمال هرم الملك تيتي بسقارة، تعود مقبرة الكاهن خنتي كا إلى دائرة الضوء من جديد، باعتبارها واحدة من أهم مصاطب الأسرة السادسة التي ما زالت تحتفظ بقدر من أسرارها رغم عوامل الزمن والرمال.
بدأت قصة الكشف عن المقبرة في موسم 1922–1923 على يد عالم الآثار البريطاني سيسيل فيرث، الذي تولى دراسة المنطقة الشمالية من هرم تيتي ضمن مشروع بحثي كبير. وبعد عقود طويلة، عُثر على دفاتر ملاحظاته الأصلية في أرشيف مصلحة الآثار بسقارة، لتكشف عن تفاصيل دقيقة غير منشورة من قبل حول مراحل الحفر ووصف الغرف الداخلية للمقبرة.
وتشير إحدى مذكراته المؤرخة في 21 يناير 1923 إلى ما يُعرف اليوم بـ“الغرفة السابعة” أو المقصورة الجنوبية، حيث سجّل أن الرموز الهيروغليفية على لوحة الباب الوهمي كانت مطلية باللون الأزرق، وهو لون لم يبقَ منه اليوم سوى آثار باهتة. وفي ملاحظة أخرى بتاريخ 26 يناير، تحدث فيرث عن تنقيباته في “الغرفة التاسعة” التي وصفها بأنها السرداب، حيث عُثر على تمثال خشبي صغير لملاح قارب، ونصل مجداف مرصع بخيوط من الذهب، إضافة إلى قطع من لوحة جيرية منقوشة باللون الأخضر وجعران صغير على هيئة بطة.
والمثير أن فيرث لاحظ أن الاسم المنقوش على تلك القطعة هو نفسه اسم الكاهن “إخخي”، الذي يظهر في نقوش المقصورة الجنوبية وهو يقدم القرابين لصاحب المقبرة خنتي كا، دون أن يدرك وقتها أن الاسم يعود للشخص ذاته.
وتبقى مصطبة خنتي كا شاهدًا حيًا على عبقرية العمارة الجنائزية المصرية، وعلى الحياة والمعتقدات التي ازدهرت قبل أكثر من أربعة آلاف عام في قلب جبانة سقارة.