أنباء اليوم
الأربعاء 17 ديسمبر 2025 01:24 صـ 25 جمادى آخر 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
الأرصاد : طقس الأربعاء . .أجواء باردة فى الصباح الباكر معتدلة الحرارة نهارا على أغلب الأنحاء وزير الرياضة وهاني أبو ريدة يحفزان المنتخب الوطني قبل أمم أفريقيا الولايات المتحدة توافق على مبيعات عسكرية محتملة إلى لبنان منتخب مصر يستعيد نغمة الانتصارات أمام نيجيريا في ختام تحضيراته لأمم أفريقيا ” خاص ” فابريس اكوا : منتخب أنجولا سيكون مفاجأة الكان ..و الفراعنة قادرون على تحقيق اللقب محمود سامي البارودي ودوره في الثورة العرابية رئيس جامعة السويس يستقبل وزير التربية والتعليم السابق ورئيس جامعة الريادة الدهشوري رئيس سيلفر سكرين يحصد جائزة التميز والابداع العربى كافضل شركة تسويق وتنظيم مؤتمرات لعام 2025 رئيس الوزراء: الحكومة تضع خفض الدين العام والخارجي وتقليل أعباء خدمته هدفًا أساسيًا خلال هذه المرحلة وزير الاتصالات : تأهيل الشباب للعمل كمهنيين مستقلين يساعد فى توسيع نطاق سوق العمل رئيس جامعة المنوفية يستقبل المستشار التعليمي بسفارة الجمهورية التركية بالقاهرة البريد المصري يستضيف ورشة عمل ”نظم وأدوات تكنولوجيا المعلومات”.. التابعة للاتحاد البريدي العالمي

شبح المرآة

بقلم / حمادة توفيق
صديقي أحمد أبوالمجد
لن أحدثكَ عن الرعبِ الذي تملكني ، ولا عن الفزعِ الذي احتلّ نفسي أيّما احتلالٍ ، ولا عن الأفكارِ المخيفةِ التي راودتني عندما رأيتُ ما رأيت ، فقط تخيل حالي تلك الليلة وأنا ذلك الحالم الهادئ ، خفيف القلب مرهف الحس ، بل تخيل نفسك مكاني وعلى سريري وفي نفس موقفي ، ماذا سيكون شعورك يا تُرى ؟
سأصف لك ما حدث لعلني أجد له تفسيراً منطقياً لديك ، فأنا منذ كان ما كان وأنا في غاية التوتر والاضطراب ، عقلي مشوش لا يكف عن التفكير ، لا أستطيع النومَ ليلاً خشية أن يحدث ما حدث مرة أخرى ، أجلس مطرقاً فوق السرير صامتاً مذعوراً ، أتلفت حولي كمن فقد عقله ، والحق أن ما حدث لم يكن سهلاً ، كان أمراً يختبلُ العقول ويذهل العقلاء ..
لن أطيل عليك حتى لا تمل ، سأقص عليك ما جرى والحكم لك ..
كنت نائماً بعد يوم عمل شاق في شركة الأدوية ، الظلام يحتوي غرفة نومي سوى بصيصِ نورٍ جاء من نافذة صغيرة مغلقة في الحائط الذي يفصل الحمامَ عن الغرفة ، كنت وحيداً في المنزل ، فكما تعلم أنا فقدت زوجتي وابني من شهر تقريباً في حادث مروع أثناء عودة زوجتي من عند أهلها ، أذكر أنك اقترحت عليّ بعدها أن أبيع المنزل وأشتري شقة صغيرة في مكان جديد ، وأن أجتهد في نسيان ما حدث ، وأتناسى المأساة قدر المستطاع ، فالحي أبقى من الميت !
وأذكرُ أنني اعترضتُ يومها على الفكرة ، وآثرتُ أن أعيش مع الذكريات التي تربطني بهذا المنزل حلوها ومرها ، ثم مضت الأيامُ تترى ، أعود من العمل مكدوداً فأتناول العشاءَ الجاهزَ الذي أحضره معي ، ثم أشربُ مشروبي المفضلَ وهو كوبُ الشاي بالحليب ثم أنام ، ومرتْ الأيامُ على هذا الديدنِ والحالِ بلا جديد ، ثم ..
إليك ما حدث تلك الليلة ..
كنت نائماً في أمان الله ، فاستدرتُ لأنام على جانبي الأيسر في مقابلة مرآة الدولاب ، انتبهتُ فجأة ففتحتُ عينيّ لأرى شبحاً في المرآة بلباسٍ أسودِ اللون ، محملقاً فيّ بعينين حمراوين كالدم ، كان يفغرُ فاهاً كبيراً ندّ عن أنيابٍ كأنها أنيابُ وحشٍ ضارٍ ، وله يدانِ بمخالبَ كمخالبِ الأسد ، وشعرٍ أشعث كأنه شعرُ جثةٍ خارجةٍ من قبر !
رأيتُ كل ذلك رغم الظلام القابع في الغرفة ، فلقد كان ضوءُ النافذة إياها منعكساً فوق المرآة ..
عند ذلك تملكني الخوفُ وسرتْ قشعريرة باردة وجدتُ أثرها في جسدي كله ، وترورقت من عينيّ عبراتُ هلعٍ لم أطق حبسهنّ ..
- بسم الله الرحمن الرحيم ، سلامٌ قولاً من غفورٍ رحيم !
كلمات التجأتُ إليها لأبددَ الخوفَ الذي احتلّ نفسي لحظتها ، ولأتخلص من بشاعةِ ما أرى ، لكن هيهات ، ظل الشبحُ واقفاً يحملقُ فيّ ، فجأة رفع يديه ورأيته يتحركُ نحوي وقد فغر فاه أكثر وأكثر ، صحتُ مذعوراً :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
ثم خطر لي أن أضيءَ النورَ فلعله يريحني مما أنا فيه ..
تراجعت بظهري وأنا فوق السرير حتى اصطدم ظهري بالحائط ، مددتُ يدي مرتعشاً إلى زرِّ الإضاءة ، ضغطتُ عليه لاهثاً مرعوباً ، وإذا بالحجرة تستنير ، فلا شبحَ ولا خوفَ ولا ظلامَ ، لقد تبددَ كلُّ شيءٍ وتبددتْ فجأة كل مخاوفي !
جلست على السرير أتطلعُ إلى المرآة في دهشة ، هل كان ما رأيته شبحاً بالفعلِ أم مجردَ كابوسٍ مفزع ؟ أحقيقة هو أم خيال ؟ وكيف أنامُ حتى الصباح بعد الذي كان ؟
أسئلةٌ كثيرةٌ ومخاوفٌ كانت تحيطُ بي إحاطةَ السوارِ بالمعصم ، لأجدني مستسلماً لما أنا فيه حتى طلع الفجرُ وأشرقتْ الشمسُ فظهرَ معها في الشارعِ أسفلَ مني دبيبُ حياة ..
هذا كلٌّ ما حدث ، ومنذ ذلك الحين لم أعد أنا أنا ، لا أستطيع النومَ ليلاً ، أدخلُ المنزلَ وجلاً أتلصص ، عيني في كل مكانٍ مخافةَ أن أجدَ الشبحَ إياه يترصدني كما ترصدني تلك الليلة !
فهل لديك تفسيرٌ منطقيٌ لما حدث ؟ تعلمُ أنني مؤمنٌ بالأشباحِ والجن والماورائيات ، لكن لم أكن أتخيلُ أن أكون واحداً من مختبريها أو المرتبطين بها ..
ستقترحُ عليّ مجدداً أن أبيعَ المنزل ؟ لا أعتقدُ أنني سأقتنع بذلك ، فالعيبُ ليس في المنزل على الإطلاق ، وثمةَ تفسيرٌ لما حدث ، فقط فكر معي ، حتماً هناك تفسير ..
صديقك المخلص ..
الخميس 4 مارس 2005