سليم باشا السلحدار قراءة تاريخية وتراثية
يشكل سليم باشا السلحدار إحدى الشخصيات البارزة في تاريخ الدولة المصرية وهو ناظر المالية المصرية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، إذ ارتبط اسمه بعصر التحولات الكبرى في عهد محمد علي باشا، حين تشكلت ملامح الإدارة المركزية والمؤسسات المالية والعسكرية. ولا يقتصر حضور سليم باشا في التاريخ على مناصبه الرسمية فقط، بل يمتد إلى ما تركه من أثر مادي ومعماري، لا سيما مدفنه الكائن بجبانة الإمام الشافعي، الذي يمثل وثيقة تاريخية مفتوحة تُقرأ من خلال الحجر والنص والزخرفة.
ترى الباحثة في مجال التراث سلمى أحمد أن دراسة سليم باشا السلحدار تكتسب أهميتها من كونه نموذجًا لرجل الدولة الذي جمع بين القرب من مركز القرار والكفاءة الإدارية. وتوضح أن لقب «السلحدار» يعكس منصبًا شديد الحساسية، ارتبط مباشرة بالوالي وسلاحه، وهو ما يشير إلى المكانة الرفيعة التي تمتع بها سليم باشا داخل بنية الحكم. ومن هذا الموقع، لعب دورًا مؤثرًا في الإدارة المالية للدولة، خاصة خلال توليه نظارة المالية، في مرحلة كانت فيها مصر تعيد تنظيم مواردها وتؤسس لنظام مالي حديث.
وتضيف سلمى أحمد أن مدفن سليم باشا السلحدار لا يقل أهمية عن سيرته الوظيفية، إذ يمثل مصدرًا تراثيًا بالغ الدلالة. فالتركيبة الجنائزية الخاصة به تحمل نقوشًا قرآنية كاملة، يتصدرها نقش آية الكرسي، بما تحمله من معانٍ مرتبطة بالحفظ والهيبة والطمأنينة. كما تشير الباحثة إلى تركيبة كريمته عائشة هانم، المدفونة بذات المدفن، باعتبارها شاهدًا مهمًا على حضور المرأة داخل العمارة الجنائزية في القرن التاسع عشر، وتعكس مكانة بنات كبار رجال الدولة اجتماعيًا ومعماريًا. وتؤكد أن وجود تركيبتها إلى جوار والدها يضيف بعدًا إنسانيًا وتاريخيًا، ويجعل من المدفن سجلًا أسريًا متكاملًا يوثق تداخل السلطة والإيمان والبنية الاجتماعية في
عصر محمد علي باشا.

