الامام ورش قبلة الباحثين ومحبي التراث
يُعَدّ ضريح الإمام ورش واحدًا من أهم المزارات الدينية في القاهرة، فهو يحمل اسم أحد أبرز أعلام القراءات في العالم الإسلامي وصاحب القراءة الشهيرة “ورش عن نافع” التي انتشرت في المغرب العربي وشمال أفريقيا، وظلت شاهدة على علمه وصوته ومنهجه في تجويد القرآن عبر القرون. وقد استقر الإمام ورش في مصر حتى وفاته عام ١٩٧ هجرياً ، ودُفن في نطاق جبانة الإمام الشافعي، حيث كان ضريحه القديم قائمًا في شارع الفارسي المتفرع من شارع ابن الجباس وسط مجموعة من الترب التاريخية التي ارتبطت بالعلماء والفقهاء، ويجاور قيمته العلمية والروحية ضريح الإمام وكيع شيخ الإمام الشافعي بشارع القادرية الامام الشافعي مما يضع المكان كله في قلب نسيج ديني وتراثي فريد.
وقد لفتت موضوع الحفاظ على ضريحي الإمام ورش والإمام وكيع انتباه عدد من الباحثين والمهتمين بالتراث، ومنهم الباحثة سلمى أحمد المهتمة بشؤون التراث و تراث آل البيت، التي أكدت ضرورة حماية الضريحين في مكانهم وصيانتهما باعتبارهما جزءًا من الهوية الدينية لمصر وكما شددت على أن استمرار وجودهما في نطاق الإمام الشافعي هو امتداد طبيعي لتاريخ المنطقة وأثرها الروحي.
كما قامت الباحثة سارة حسن التي طالبت، بالتعاون مع الدكتور محمد قدري، نقله الي قبة جديدة خلف الإمام الشافعي وقد أسفرت هذه الجهود العلمية و الشعبية عن نقل الضريح إلى قُبّة جديدة خلف قبة الإمام الشافعي، بما يضمن بقاءه محفوظًا داخل مجاله التاريخي نفسه.
وفي سياق متصل، ظهر اهتمام واضح من عمرو الهلباوي، حفيد أوّل نقيب للمحامين في مصر إبراهيم بك الهلباوي، الذي واصل مسيرة عائلته في الدفاع عن تراث الوطن، محافظًا على مبادئ جده و تاريخه ففي شهر رمضان الماضي، أولى اهتمامًا خاصًا بضريح الإمام ورش، وحرص على الحفاظ عليه و صيانته، و أنقذه من محاولات السلب و النهب و تصدي بكل قوة وأوقف طمسه أكثر من مرة و منع نقلة لمقابر الروبيكي بالعاشر من رمضان و كان مؤمنا بأن المكان يستحق أن يتحول إلى مزار سياحي وثقافي يليق بقيمة صاحبه وتاريخه. ويمثل هذا الاهتمام امتدادًا لدور عائلة الهلباوي في رعاية التراث الوطني، ليس فقط عبر القانون والقضاء، بل من خلال حماية الأماكن التاريخية و الرموز الوطنيه و الإسلاميه التي تحمل ذاكرة علمية وروحية فريدة.
وفي دور بارز أيضا للدكتورة شيرين الدرس المدفن الملاصق للإمام ورش بشارع مسجد لؤلؤ متفرع من شارع الفارسي أيضا طالبت أكثر من مره بعمل المكان مزار سياحي و مقراءه لتحفيظ القرآن و طالبت بعمل مسجد تكريما لمكانه الأمام ورش كونه قارء القران الكريم.
وبين جهود الباحثين وحرص المهتمين بالتراث وإسهامات العائلات الوطنية، يبقى ضريح الإمام ورش شاهدًا حيًا على تاريخ ممتد، ودعوة مفتوحة لإحياء منطقة الإمام الشافعي كمزار روحي وثقافي يعيد للتراث مكانته التي يستحقها في قلب القاهرة.

