عام جديد
بقلم الباحثة والأديبة - أميره عبدالعظيم
مع انطفاء آخر شمعة في عامٍ يرحل، وارتباك عقارب الساعة عند العتبة الفاصلة بين زمنين، نقف على أعتاب عام ٢٠٢٦ لا كعابري وقتٍ فحسب، بل كأرواحٍ مثقلة بالتجارب، ومشحونة بالأمل، ومترددة بين ما كان وما سيكون.
إن استقبال عام جديد ليس مجرد رقم يتبدل في التقويم، ولا احتفالًا عابرًا بالألعاب النارية والتهاني المتكررة، بل هو لحظة مواجهة صادقة مع الذات. لحظة نسأل فيها أنفسنا: ماذا أخذ منا العام الماضي؟ وماذا ترك لنا؟ أيُّ الأحلام تحققت، وأيُّها تأجل، وأيُّها مات في صمت؟
عام ٢٠٢٦ يأتي محمّلًا بإمكانية البداية من جديد، لا بوعدٍ زائف بالكمال، بل بفرصة حقيقية لإعادة التوازن. فرصة لنفهم أن الخسارات لم تكن عبثًا، وأن الانكسارات كثيرًا ما كانت دروسًا متنكرة، وأن ما لم يحدث كان أحيانًا أرحم مما تمنيناه.
نستقبل هذا العام ونحن أكثر وعيًا بأن الزمن لا يعود، وأن الأعمار تُقاس بعمق ما عشنا لا بعدد السنوات. نستقبله ونحن نعلم أن السلام الداخلي أثمن من أي إنجاز، وأن الرضا خطوة أولى نحو كل نجاح حقيقي. لم نعد نبحث عن أعوام مثالية، بل عن أيام صادقة، وعن قلوب مطمئنة، وعن محاولات لا تخجل من الفشل.
عام ٢٠٢٦ قد لا يكون أسهل، لكنه قد يكون أوضح. أوضح في اختياراتنا، في دوائرنا الإنسانية، في أولوياتنا. عام نقرر فيه أن نمنح أنفسنا حق التعب، وحق الراحة، وحق البدء من جديد دون جلدٍ أو قسوة.
فلنستقبل ٢٠٢٦ بنوايا نقية، لا بقوائم طويلة من الوعود المستحيلة، بل بعهدٍ واحد بسيط: أن نكون أصدق مع أنفسنا، أرحم بقلوبنا، وأكثر شجاعة في أن نعيش الحياة كما نشبهها، لا كما يُملى علينا.
مرحبًا بعامٍ جديد… مرحبًا بعامٍ نكتبه بوعينا، ونمشيه بثبات، ونترك فيه أثرًا يشبهنا.



