رمسيس الثاني ومسلته المعلقة من صان الحجر إلى المتحف المصري الكبير
في رحلة استمرت آلاف السنين من المجد والدهشة، تروي مسلة الملك رمسيس الثاني قصة حضارة لا تزال تبهر العالم حتى اليوم. تلك المسلة المعلقة التي كانت شاهدة على عظمة ملك من أعظم ملوك مصر القديمة، بدأت رحلتها من مدينة صان الحجر في محافظة الشرقية، لتستقر أخيرًا في المتحف المصري الكبير عند بوابة الفراعنة الحديثة.
رمسيس الثاني، الذي حكم مصر في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ترك بصمته في كل بقعة من أرض الكنانة. شيد المعابد والتماثيل الضخمة في طيبة وأبو سمبل، وأقام المسلات التي كانت رمزًا للنصر والإلهة والشمس. ومن بين هذه التحف الفريدة، جاءت مسلته التي كانت تقف شامخة في صان الحجر، المدينة التي كانت تعرف قديمًا باسم "تانيس"، إحدى العواصم الدينية في الدلتا.
المسلة المنقولة إلى المتحف المصري الكبير تتميز بفرادة تصميمها، إذ تُعد أول مسلة في العالم تُعرض بطريقة التعليق، لتبدو وكأنها تحلق في الهواء، مما يتيح للزائرين رؤيتها من جميع الزوايا، حتى من أسفلها حيث نُقشت رموز ونصوص هيروغليفية نادرًا ما تُشاهد في المسلات الأخرى.
بدأت رحلة نقل المسلة العملاقة عام 2018 ضمن مشروع المتحف المصري الكبير، حيث تمت عملية الرفع والنقل بدقة هندسية وأثرية فائقة، شارك فيها خبراء مصريون باستخدام أحدث تقنيات الحفظ والنقل في العالم. وقد بلغ وزن المسلة نحو 80 طناً، ما جعل من نقلها حدثًا استثنائيًا تابعته وسائل الإعلام المحلية والعالمية باهتمام كبير.
واليوم، تقف المسلة في ساحة المتحف المصري الكبير أمام تمثال رمسيس الثاني الضخم الذي استُقبل عند المدخل الرئيسي، في مشهد يجمع بين الملك وتمثاله ومسلاته، كأن التاريخ يكتمل من جديد في حضرة الحضارة.
بهذا المشهد المهيب، لا تمثل المسلة المعلقة مجرد أثر من الماضي، بل رسالة من أجداد المصريين إلى أحفادهم بأن الحضارة لا تُنقل فحسب، بل تُحيا من جديد حين تجد من يصونها ويعرضها للعالم بما يليق بعظمتها.













