أنباء اليوم
الخميس 30 أكتوبر 2025 06:03 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
الرئيس السيسي يؤكد اعتزاز مصر بالعلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تجمعها بإريتريا ”الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين”: افتتاح المتحف المصري الكبير حدث عالمي يرسخ هوية مصر الحضارية محافظ الغربية يستقبل مفتي الجمهورية لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك نقاط استعلام لتسهيل عملية التصويت في انتخابات الأهلي غدًا ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي غدًا رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال يشارك في اجتماعات ”الإنتوساي” رئيسا وزراء مصر والكويت يعقدان جلسة مباحثات موسعة لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين محافظ القليوبية يناقش مشروع إنشاء محطة كهرباء من القمامة مع ممثلي البنك الدولي مجهود عمال نقل الآثار ودورهم في بناء المتحف المصري الكبير ذي يزن بن هيثم آل سعيد يترأس وفد سلطنة عُمان المشارك في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير بروفة الإبهار في سماء المتحف المصري الكبير استعدادًا لاحتفال كنوز توت عنخ آمون الرئيس السيسي يستقبل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ويشيد بزيارته والمشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير

افتتاح المتحف المصري الكبير.. مصر تعيد رسم الخريطة الثقافية للشرق الأوسط

صورة توضيحية
صورة توضيحية

على بعد 2 كيلومتر من أهرامات الجيزة، حيث يقف التاريخ شاهدًا على أعظم حضارة عرفها الإنسان، يفتتح المتحف المصري الكبير بعد غد /السبت/ لا ليكون مجرد مخزن للآثار، بل ليؤدي دورا استراتيجيا في إعادة تشكيل الخريطة الثقافية للشرق الأوسط، وليعلن أن مصر لم تعد تكتفي بحراسة الماضي، بل تقود مستقبل الوعي الحضاري في المنطقة.

بمساحته التي تتجاوز نصف مليون متر مربع، وبمقتنياته التي تضم أكثر من مئة ألف قطعة أثرية من عصور مختلفة، يعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، لكنه في جوهره أكثر من مجرد متحف؛ إنه منصة ثقافية إقليمية تجمع بين العرض، والتعليم، والبحث، والتفاعل الدولي.

هذا الصرح هو مركز جذب ثقافي وسياحي لا لمصر وحدها، بل للعالم العربي بأسره، فزيارته باتت تعني الدخول إلى تجربة تمتد من الفراعنة إلى المستقبل، وتكشف عن وجه جديد للمنطقة: وجه يتحدث بلغة الإبداع والمعرفة، لا بلغة الصراعات والانقسامات.

ومنذ بدء تشغيله التجريبي قبل عام، أثبت المتحف المصري الكبير أن القوة الناعمة المصرية تعود إلى الصدارة، ولكن بأدوات القرن الحادي والعشرين، فمن خلال المعارض المؤقتة، وورش الترميم، والبرامج التعليمية، والمبادرات الرقمية، أصبح المتحف منبرا للحوار الثقافي بين الحضارات، ومركزا لإحياء روح التعاون بين المتاحف الإقليمية والدولية.

وأعاد المتحف تعريف "الدبلوماسية الثقافية" المصرية؛ فبينما تستخدم الدول مؤسساتها الثقافية لتوسيع نفوذها، تستخدم مصر المتحف لتعيد التأكيد على ريادتها الحضارية، ولتربط بين ماضي المنطقة وحاضرها في سياق إنساني شامل.

ويضم المتحف مركزا بحثيا وترميميا يعد من الأحدث في العالم، حيث يتوافد إليه علماء وآثاريون من دول عربية وأجنبية لتبادل الخبرات.

هذا الدور البحثي لا يقل أهمية عن دوره السياحي، لأنه يجعل المتحف منصة تعليمية إقليمية تخرج جيلا جديدا من المتخصصين في علوم الآثار والترميم الرقمي.

كما أطلق المتحف مبادرات لتدريب الشباب العربي في مجالات الثقافة والتراث، ما يضعه في قلب مشروع نهضة ثقافية عربية تسعى إلى توحيد الجهود لحماية التراث المشترك، في وقتٍ تواجه فيه المنطقة تحديات كبيرة من النزاعات والتهريب والدمار الثقافي.

وبفضل توظيفه المكثف للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبح المتحف نموذجا لما يمكن أن تكون عليه المؤسسات الثقافية المستقبلية في الشرق الأوسط.

فهو لا يقدم التاريخ كأحداث منتهية، بل يعيد صياغته في تجربة حسّية تفاعلية تجعل الزائر شريكا في الفهم والاكتشاف.

إن هذا الدمج بين الهوية والابتكار هو ما يمنح المتحف قوته الإقليمية؛ فهو يبرهن أن الحفاظ على التراث لا يعني الجمود، بل التطور الذكي الذي يربط الماضي بالمستقبل.

انعكاسات المتحف المصري الكبير تجاوزت حدود مصر، إذ دفعت العديد من دول المنطقة إلى إعادة التفكير في كيفية إدارة تراثها، سواء من خلال تحديث متاحفها أو إنشاء شراكات ثقافية جديدة مع المتاحف المصرية، كما سيصبح جاذبا للفعاليات الدولية، من مؤتمرات التراث إلى معارض الفنون، ما يجعله مركزا للتفاعل بين الشرق والغرب، وبين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص.

في عالم يتنافس على رواية تاريخه، قررت مصر أن تكتب روايتها بلغة معاصرة من خلال المتحف المصري الكبير، فهو ليس مجرد مشروع وطني، بل مشروع حضاري إقليمي يعيد رسم صورة الشرق الأوسط كمنطقة تمتلك ذاكرة حية وإرادة مستقبلية.

وبافتتاح المتحف المصري الكبير، تستعيد مصر موقعها الطبيعي كبوابة الثقافة في الشرق الأوسط، ومركز إشعاع حضاري يعيد تعريف دور المنطقة في المشهد الثقافي العالمي.

فكما كانت مصر قديما منارة العالم القديم، ها هي اليوم تضيء طريق الشرق الأوسط الثقافي الجديد، حيث يصبح التراث قوة ناعمة، والتاريخ لغة مشتركة، والمستقبل مساحة للإبداع المشترك.