أنباء اليوم
الخميس 30 أكتوبر 2025 08:58 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
مصر تخلّد فعالية افتتاح المتحف بدعوة فنية مستوحاة من تابوت الملك الذهبي ممثل وكالة ”جايكا” اليابانية للنايل تي في : التعاون في المتحف الكبير نموذج للعمل المشترك مالياً وفنياً وثقافياً التشكيل الرسمي لنادي الزمالك استعدادا لمواجهة البنك الأهلي محافظ الجيزة يتفقد اللمسات النهائية لأعمال التطوير والتجميل استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير مصر للطيران: إقلاع رحلاتنا من مطارات الجمهورية طبقًا للتوقيت الشتوي اعتبارًا من فجر غد وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون النادى الإسماعيلي تشكيل فريق البنك الأهلى لمواجهة الزمالك فى الدوري الرئيس السيسي يؤكد اعتزاز مصر بالعلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تجمعها بإريتريا ”الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين”: افتتاح المتحف المصري الكبير حدث عالمي يرسخ هوية مصر الحضارية محافظ الغربية يستقبل مفتي الجمهورية لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك نقاط استعلام لتسهيل عملية التصويت في انتخابات الأهلي غدًا ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي غدًا

اكتشاف مقبرة بسوسنس الأول في زمن الحرب العالمية الثانية

صورة توضيحية
صورة توضيحية


بينما كانت نيران الحرب العالمية الثانية تشتعل في أوروبا وشمال أفريقيا، شهدت مصر حدثًا أثريًا استثنائيًا غيّر خريطة علم المصريات، حين اكتُشفت مقبرة الملك بسوسنس الأول، أحد ملوك الأسرة الحادية والعشرين، داخل جبانة تانيس بشمال الدلتا. كان ذلك في عام 1940 على يد عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه، الذي كاد أن يطغى ضجيج المدافع وأخبار المعارك على إنجازه العلمي، لولا ما حمله هذا الكشف من قيمة استثنائية.
مقبرة بسوسنس الأول تمثل واحدة من أندر الاكتشافات في تاريخ مصر القديمة، إذ ضمّت كنوزًا ملكية كاملة لم تمتد إليها يد اللصوص، وهو ما جعلها تُلقب لاحقًا بـ"توت عنخ آمون الشمال". ففي قلب التابوت الحجري الضخم، اكتُشف القناع الذهبي الرائع للملك، إلى جانب توابيت داخلية من الفضة والذهب، وأساور وخواتم وصدريات مرصعة بالأحجار الكريمة، وأوانٍ مذهبة، فضلاً عن أثاث جنائزي فخم لم يسبق العثور على مثيل له في مقابر ملوك الأسرة الحادية والعشرين.
لكن المفارقة أن هذا الكشف العظيم تزامن مع سنوات مظلمة من تاريخ العالم. ففي الوقت الذي كان مونتيه يزيل التراب عن القناع الذهبي، كانت الطائرات الألمانية والبريطانية تتحرك في سماء البحر المتوسط، وكانت مصر، بحكم موقعها الاستراتيجي، مسرحًا للتوترات العسكرية. ولهذا لم يحظَ الاكتشاف بضجة إعلامية تضاهي ما حدث مع مقبرة توت عنخ آمون عام 1922، إذ انشغلت الصحف العالمية بمتابعة أخبار الجيوش والمعارك أكثر من أخبار الآثار.
ورغم ذلك، فإن علماء الآثار والمختصين أدركوا على الفور الأهمية القصوى لما وُجد في تانيس. فقد بيّنت المقبرة كيف استطاع ملوك الأسرة الحادية والعشرين الذين حكموا في فترة من الاضطراب السياسي وتراجع النفوذ الملكي و الحفاظ على تقاليد الدفن الملكي العريقة، مستخدمين الذهب والفضة والنفائس في طقوس الدفن، وكأنهم يستحضرون مجد الفراعنة السابقين. كما كشفت المقبرة عن ثراء فني عظيم واهتمام بالتفاصيل الدقيقة في صياغة الحلي وصناعة التوابيت، ما يؤكد أن العصر لم يكن فقيرًا كما صُوِّر سابقًا.
بعد الحرب، أعيد تسليط الضوء على الاكتشاف، وأصبح قناع بسوسنس الأول واحدًا من روائع المتحف المصري بالتحرير، يقف شاهدًا على عظمة الحضارة المصرية وعلى صمود البحث العلمي حتى في أصعب الظروف. لقد برهنت مقبرة تانيس أن التاريخ لا يتوقف حتى وإن اشتعلت الحروب، وأن الأرض المصرية ما زالت تخبئ كنوزها لتبوح بها في اللحظة التي تختارها.