عروسة المولد النبوي الشريف من العادات التراثية للمصريين

مع اقتراب ذكرى مولد النبي محمد ﷺ، تعود للأذهان والبيوت معًا عروسة المولد، ذلك الرمز الشعبي الذي ارتبط بالفرحة والاحتفال، وظل حاضرًا في وجدان المصريين منذ مئات السنين. ويعود ظهورها إلى العصر الفاطمي، حين كان الحكام ينظمون المواكب الاحتفالية بالمولد النبوي، وتُصنع تماثيل من السكر على هيئة عرائس مزينة بالورق الملوّن، وأخرى على هيئة فرسان فوق الأحصنة. ومنذ ذلك الحين ارتبطت العروسة بالبنات، بينما كان الحصان هدية الصبيان، ليجسدا معًا مزيج البهجة في قلوب الأطفال.
قديماً كانت العرائس تصنع يدويًا من السكر الخالص وتزين بقطع ورقية ملونة، وكانت جزءًا من ذكريات الطفولة في بيوت المصريين. ومع مرور الزمن، ومع تراجع صناعة العرائس السكرية لأسباب صحية، ظهرت بدائل بلاستيكية وخشبية تحافظ على الشكل التراثي، لكنها تفتقد طعم الماضي الذي ما زال يسكن ذاكرة الكبار.
ولا يقتصر الاحتفال على العروسة والحصان، فالمولد في مصر هو طقس اجتماعي وديني كامل، حيث تنتشر الحلوى بأنواعها مثل السمسمية والفولية والحمصية، وتقام حلقات الذكر والمدائح النبوية في الساحات والمساجد الكبرى مثل مسجد الحسين والسيدة زينب، وتجتمع العائلات حول موائد عامرة بالحلوى، فيما يفرح الأطفال بالعرائس التي تُهدى لهم مع كل مولد جديد.
ورغم تغير الزمن تبقى عروسة المولد عادة مصرية أصيلة تجسد روح المشاركة والفرحة، وتحمل بين طياتها رسالة إنسانية عميقة: أن الاحتفال لا يكتمل إلا بالبهجة التي تجمع الكبار والصغار، وأن المصريين يملكون دائمًا القدرة على صون تراثهم وإحيائه.