وليد عبد الجليل يكتب : سخرية الأبواب

كم من أبواب وقفنا خلفها نذوب شوقا و حنينا انتظارا لمن يطرقها حاملاً معه بريق الذكريات التائهة و عبير الأمنيات الحائرة انتظرنا بقلب طفل برئ يتشبث بأشيائه الحبيبات عين عليها و الأخرى يرمق بها باب الأمل في انتظار ذلك الغائب أن يعود
و كم من أبواب طرقناها و لم تفتح لنا و لم يبال أصحابها فأوصدت أمامنا بأغلال من الجحود و النكران و لم تجدِ تلك العبرات و لم تحرك قيد أنملة من الحنين رجفة في قلوب من خلفها.
و كم من أبواب سخرت منا كلما عاودنا الحنين لنطرقها و نحن نعلم أنه ليس خلفها أحد إلا أطياف الراحلين و ذكريات ذابت أفئدتنا شوقا إليها فتأن مفصلاتها رأفة بنا و تذوب مقابضها حسرة علينا و تبقى موصدة و قد نسجت الذكريات خيوطها بين الشقوق و تراكم غبار السنين فوق مقبضها و بصمات الأيام خطت تلك القصة التي لا يرويها أحد ولا ننساها أبدا قصة الحنين وذكريات الطفولة وقلوب احتضنت أحلامنا و رسمت البسمة فوق شفاهنا وكانت لنا طوق النجاة و بر الأمان أمام تقلبات الزمن و عثرات الأيام
تلك القلوب التي كانت تشعر بآلامنا دون أن ننطق و تفيض على قلوبنا عطفا و حنانا قلوب أمهاتنا و آبائنا و أحبائنا الراحلين.
و أبواب لم نجرؤ أبدا على طرقها أو الاقتراب منها و اكتفينا بمراقبتها من بعيد خوفاً من ذلك المجهول و تلك الأشباح من الخذلان التي رسمتها السنين و تجارب الأيام قدرا محتوما نفر منه و يفر إلينا مهرولا.