أنباء اليوم
الأربعاء 17 سبتمبر 2025 01:11 مـ 24 ربيع أول 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
محافظ المنوفية يلتقى بطفلة من ذوي الهمم تعاني من ظروف صحية واجتماعية صعبة وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات سكن لكل المصريين بمدن العبور الجديدة وحدائق العاشر محافظ الدقهلية يتفقد اصطفاف 62 باصًا جديدًا لدعم منظومة النقل الجماعي ”السرفيس” بمدينة المنصورة مع بداية العام الدراسي الجديد . وزير الاستثمار والتجارة الخارجية: فرص واعدة للاستثمارات في الصناعات الهندسية والوسيطة رئيس جامعة حلوان يشارك في فعاليات تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران وزير التعليم العالي يشهد توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية بين مؤسسة الجامعات الكندية وجامعة أنجليا روسكين البريطانية أسعار الذهب تتراجع وسط ترقب المستثمرين قرار الفائدة الأمريكية جامعة بورسعيد : توقيع اتفاقية تعاون تاريخية مع جامعة غنت البلجيكية أسعار الذهب محليابمستهل تعاملات اليوم الأربعاء ١٧سبتمبر -2025 مركز البحوث الطبية والطب التجديدى للقوات المسلحة يستقبل وزير التعليم العالى البورصة المصرية تستهل تعاملات اليوم الأربعاء بتراجع الصادرات المصرية لإسبانيا تسجل 712 مليون دولار.. والأسمدة والملابس في الصدارة

وزير الأوقاف : الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال

وزير الأوقاف : الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال
وزير الأوقاف : الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال

ألقى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلمة في افتتاح المجالس العلمية الهاشمية التي تعقد برعاية ملكية سامية بعمَّان تحت عنوان: "الإمام النووي وجهوده العلمية وأثره في عصره وما بعد عصره"، بالمملكة الأردنية الهاشمية، اليوم الجمعة 15/ 3/ 2024م بحضور وتشريف الأمير/ فيصل بن الحسين نائبًا عن جلالة الملك/ عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، و الدكتور/ محمد الخلايلة وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية بالأردن، وسماحة الدكتور/ أحمد الحسنات مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية، وسماحة الشيخ/ عبد الحافظ نهار الربطه قاضي القضاة، وسعادة السفير/ محمد سمير سفير مصر في عمَّان، ونخبة من كبار العلماء والمفكرين والمثقفين بقاعة المؤتمرات الكبرى بالعاصمة الأردنية عمان.

وهذا نص كلمته:

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين ، وبعد :

فإن المجالس العلمية والأدبية والثقافية كانت عبر تاريخنا العربي أحد أهم عوامل تشكيل بنائنا العلمي والثقافي ، بدءًا من المجالس العلمية في العصرين الأموي والعباسي ، وصولاً إلى مجلسنا هذا الذي يتناول عَلَمًا من أهم أعلام الأمتين العربية والإسلامية ، ذاع صيته وبلغ الآفاق ، وكان شديد التفرد والتميز لا أقول في مجاله وميدانه فحسب ، لأن الرجل لم يكن علمًا في فن واحد ، بل كان علمًا في أكثر من علم وفن ، وكان رأسًا في الفقه والحديث معًا ، فضلًا عما أفاض الله به عليه من التوفيق والقبول ، فعلا ذكره في الآفاق ، وكتب لمصنفاته القبول والانتشار سواء في المحافل العلمية أم في الأوساط الثقافية العامة ، ومن في الأمة لا يعرف كتاب رياض الصالحين ، ذلكم الكتاب الذي شق طريقه بسهولة ويسر إلى مكتبات الدنيا ومئات الآلاف من بيوت الأمة ، ومن منَّا لا يعرف الأربعين النووية ، وقد صارت الأشهر والأكثر حفظًا من بين كتب السنة ، أما شرحه لصحيح مسلم فهو الأشهر بين شروح هذا الكتاب العظيم ، أضف إلى ذلك كتابه الرائع : الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار (صلى الله عليه وسلم).

ويأتي هذا التوافق الطيب بين وزارة الأوقاف الأردنية التي اختارت موضوع الإمام النووي لافتتاح المجالس العلمية الهاشمية ووزارة الأوقاف المصرية في العناية بمؤلفات الإمام النووي فإننا هذا العام أقمنا مجالس حديثية على يد كبار علماء الحديث في مصر لقراءة كتابه الأربعين النووية ، وكتابه الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار (صلى الله عليه وسلم) ، ومنح إجازة سماع وحضور لمن حضروا قراءتها وشرحها ، كما قمت منذ أربعة أعوام تقريبًا بتسجيل برنامج تليفزيوني في ثلاثين حلقة تحت عنوان : في رحاب الروضة النبوية وكان بمثابة شرح ودراسة موضوعية لمعظم أبواب كتاب رياض الصالحين للإمام النووي .

واسمحوا لي أن نأخذ تطوافة سريعة مع بعض جوانب حياته وآثاره العلمية ؛ وأؤكد تطوافة سريعة لأننا لا يمكن أن نلم أو نفي بحقه ولا ببعض حقه في جلسة واحدة.

وعندما نتحدث عن الإمام النووي فإننا نؤكد على أننا نتعامل مع التراث بنظرة موضوعية ونفرق بين الثابت والمتغير مؤكدين أن إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وأن إنزال المتغير منزلة الثابت طريق الجمود والتخلف ، وإننا ننظر لتراثنا العلمي والفقهي بعين التقدير لا التقديس ، فلا نقدس سوى المقدس ، أما الآراء والشروح فننظر فيها بعين المجتهد ، فإن توافق الرأي مع واقعنا أخذنا به وإن لم يناسب زماننا ومكاننا وواقعنا اجتهدنا لزماننا وواقعنا في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الشريف ومقاصده العامة ، مدركين أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وما كان راجحًا في عصر أو في زمن أو في بيئة قد يصبح مرجوحًا إذا تغيرت الظروف، وما كان مرجوحًا قد يصبح راجحًا، وأن الأقوال الراجحة ليست معصومة، وأن الأقوال المرجوحة ليست مهدومة شريطة أن يكون ذلك من أهل الاعتبار والنظر.

موضحًا أن الإمام النووي (رحمه الله) كان علمًا في الفقه والحديث معًا، وآلت إليه رئاسة المدرسة الأشرفية، وإذا ذكر الفقه الشافعي ذكر الإمام النووي، وإذا ذكر الإمام مسلم، ذكر الإمام النووي، فلم يشرح أحد صحيحه مثلما شرحه الإمام النووي وهو العمدة فيه، ومات (رحمه الله) في سن الرابعة والأربعين، مؤكدًا أنه ليست قيمة المرء في ما عاش ولا كم عاش، وإنما قيمته فيما قدم في حياته وترك بعد وفاته من بصمة في العلم وأثر في الحياة، فكم من أناس عاشوا لأنفسهم فجاءوا وذهبوا دون أن يشعر بهم أحد، وقد قال سيدنا حسان بن ثابت (رضي الله عنه):

إذا المرء أعيته المروءة ناشئاً

فمطلبها كهلاً عليه عسير

ولذا نقول لأبنائنا اجتهدوا في الطلب وأنتم في الشباب، يقول الشاعر:

وَذَاتُ الْفَتَى بِالْعِلْمِ وَالتُّقَى

إِذَا لَمْ يَكُونَا لَا اعْتِبَارَ لِذَاتِهِ

ويقول:

ومن لم يذق مر التعلم ساعة

تجرع ذل الجهل طول حياته

ويقول:

أأبيت سهران الدجى وتبيته

نوماً وتبغى بعد ذاك لحاقي

وكان رحمه الله إلى جانب علمه زاهدًا معروفًا بزهده، يعيش على ما يرسله إليه أبواه من جراية بسيطة، حتى قالوا: لو أن الإمام القشيري أدرك الإمام النووي وشيخه كمال الدين إسحاق لما قدم عليهما أحد في رسالته القشيرية، يقول الإمام الشافعي:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي

فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نور

ونور الله لا يهدى لعاصي

ويقول الحق سبحانه: "وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ"، ويقول في شأن العبد الصالح: "فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا"، مع أن سيدنا موسى (عليه السلام) كان يطلب العلم، إلا أنه تم تقديم الرحمة على العلم، لأن العلم إذا لم يكن رحمة لصاحبه فلا خير فيه ، يقول الشاعر:

لا تحسبنَّ العلمَ ينفعُ وحدَه

ما لم يتوَّج ربُّه بخلاقِ

فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً

فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ

مؤكدًا أن العلم وحده دون رياضة روحية قد يُقسيِّ قلب صاحبه، وقد جمع الإمام النووي (رحمه الله) بين العلم والزهد.

هذا وقد أهدى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف نسخة من موسوعته الثقافية "رؤية" لصاحب السمو الملكي الأمير/ فيصل بن الحسين بن طلال الذي شرف اللقاء مندوبًا عن جلالة الملك/ عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية.