الجمعة 29 مارس 2024 07:54 صـ 19 رمضان 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

ثانية واحدة تغير الأحوال

يتعرض الإنسان بحياته لكثير من المواقف والإبتلاءات، قد تكون رسائل من الله سبحانه وتعالى يختبر بها عبده لقياس مدى قوة إيمانه وصبره على التحمل.

فحتى الأنبياء تعرضوا للكثير من المواقف والإبتلاءات التي أظهرت قوة إيمانهم بالله ومدى الرضا والحمد والشكر لله على كل حال.

اختبارات إلٰهية ربما تكون صعبة ولكن تقبُّلها والصبر عليها له أجر عظيم عند الله؛ ومن كرم الله علينا نحن البشر أنه جعل لنا الإختيار فإما أن نصمد ونرتضي بقضاء الله ونحظى بخيره وعوضه العظيم الذي قد يدهشنا ونبكي له فرحاً من وراء من كنا نظن أو نحسبه شر لنا، وإما أن نيأس ونعترض على هذه الإختبارات ونتمرد على عطية الله فيقابلنا ماهو أسوأ وأشد شراً ونخسر ماكان مقدره ومسخره الله لنا من خير؛

فسبحان الله يضعنا باختبارات والحل والجزاء عنده، إنما يحب أن يرانا كيف نتصرف ونختار..
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

فقد عرضت منذ أيام إحدى قنوات روتانا لأول مرة فيلم "ثانية واحدة" الذي بداخله هدف وموعظة كبيرة ربما قد يغفل عنها البعض، فأحداث الفيلم تدور في إطار رومانسي كوميدي، حيث يتعرف شاب على فتاة ويتسبب لها في الكثير من المشاكل بعد أن تعرض لحادث يقلب حياته بشكل كبير ويتغير حال البطلة إلى مالم تتوقعه بعد الصبر علي الإبتلاء والحظ السيء، فبطلة الفيلم "دينا الشربيني " "دينا"هي امرأة مطلقة لم تحظى بحياة زوجية سعيدة ولم تنجب أطفال فانشغلت بعملها واستقلت عن أسرتها لتعيش بمفردها حياة عملية، بعد أن فقدت الأمل أن تجد زوج صالح يتقي الله فيها لايعرف الخيانة ولا الكذب اللذين كانا هما السبب الرئيسي لكي تطلب الطلاق من زوجها ومن المعروف أن الخيانة والكذب هم أكثر الأسباب التي تكسر المرأة وتجبرها علي إختيار الطلاق.

أما عن الدور الذي قام به الفنان "مصطفي خاطر" بطل الفيلم والغير معروف هويته في بداية الفيلم غير أنه شاب وصل من السفر ليبحث عن سيارة أجرة فيركب السيارة وتركب معه بالخطأ "دينا" وفجأه يتعرضون لحادث سيارة معاً، لم تصاب "دينا" بأي اذاء إنما أصيب ذلك الشاب بفقدان في الذاكرة ويعود طفل صغير ليذهب لدينا منزلها معتقدا أنها أمه وبيده بالونات ملونة فتندهش دينا من شكل ولهجة الطفولة التي يتحدث بها ذلك الشاب فترفض دينا دخوله لمنزلها متعجبة لكلمة ماما التي يرددها هذا الشاب الطفل وبالنهاية ترتضي برعايته بعد أن استعطفها ببكائه وكونه شخص مريض لاحول له ولا قوة، شخص لايعرف له اسم ولا أي هوية وتبتسم وتعتبره قدرها من الله وتطلق عليه اسم "قدري" حيث قررت رعايته والإعتناء به لحين ظهور أهل له، ارتضت بقدر الله و بداخلها فرح شديد بسمعها كلمة ماما فلم ترزق بأطفال ورأت فيه طفل كبير حنون وعطوف يتصرف ببراءة الأطفال فتعلقت به تعلق روحي وشعرت بمسؤليه تجاهه،

فنشرت صور له علي الفيسبوك ليتعرف عليه أحد من أهله بل وقامت بأخذه للطبيب لمعرفة حالته ومتابعتها طبياً ورغم اعتراض أمها وأبيها عن وجود قدري الذين يرون أنه رجل بالغ بحكم مظهره الخارجي.

لم يقتنعوا وأمروها بطرده من شقتها فلم تستطيع حتى أنهم خيروها بينهم وبينه فاختارت قدري وارتضت بقدر وابتلاء الله لها ولم كانت تتوقع أن الله سيدهشها بعظيم قدرة
وهذا هو مايخفيه ذلك الفيلم الكوميدي بجوهره من موعظة كبيرة لبني الإنسان أن من يرتضي بقدر الله ويتحمل البلاء فسيحظى من الله بخير لم يتوقعه.

دينا فتاة ارتضت بقدر الله وابتلاءه واتقت الله في ذلك الشاب طوال فترة تواجده معها فالنهاية كانت سعيدة ولم تتوقعها بعودة الذاكرة لقدري وأهله يتعرفون عليه ويصبح أدهم عثمان رجل أعمال مقيم بأمريكا ومطلق ليتذكر قدري كل معروف وخير وشهامة فعلته معه دينا وهو مجهول الهوية وفاقد للذاكرة.. ليكون هذا الشاب سبب الله على الأرض في إسعاد وتعويض هذه السيدة المطلقة عن مامرت به وعانته من ألم وخذلان فيكون لها زوج حنون غني مخلص لها ومقدراً لقيمتها كأنثى.

فمن الجميل أن يفكر منتجي ومخرجي الأفلام والمسلسلات أن يعرضون أفلام ترفيهية لها أهداف خالية من الإسفاف والإبتزاز، فقد تكون ثانية واحدة بحياة كل شخص تغيره من حال لحال أفضل.

وخاتمةً: إن كرم الله وعطاياه تدهش من يحتسب ويصبر ويتقي الله بنفسه وبمن حوله فلعلا الله يغير حالنا للأفضل والأحسن في ثانية واحدة.