الخميس 28 مارس 2024 12:11 مـ 18 رمضان 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

طريق إنصاف المجرم

الأستاذ/ جورج ميلاد
الأستاذ/ جورج ميلاد

حدث من أيام قليلة حادثه جعلت المصريين يتألمون ويندهشون مما حدث، لأن ما حدث حقاً شيء شديد القسوة والغرابة، ما حدث مع الطالبة نيرة كان أمراً مفجعاً وغريباً، ولكن ليس غريب علينا مشاهد الذبح، لأننا رأينا من قبل أحداث موسفة مثل هذه، كحادثة الأب الكاهن أرسانيوس وديد الذي ذُبح أيضاً في عز النهار.

ماذا حدث لنا نحن المصريين حتى يخرج من بيننا مجرمون بهذا الشكل، وما يجعلنا نستغرب ما حدث مواقف البعض منا الذين يلقون بالملامة علي الضحية وينصفون المجرم وهذا يجعلنا نتساءل من قتل نيرة؟ هل الشاب وحده أم يوجد من بيننا شريك له في جريمته التي قام بها، إنني أود أن أقول أنه يوجد بيننا شركاء، ويوجد بيننا من يظل يطعن البنت بالسكين إلى الآن، القاتل توقف بطعنتين أو اثنتين أو أكثر ولكن يوجد منا من لم يتوقف عن الطعن حتى الآن، بالتصريحات والتعليقات والكلمات التي تطعن في البنت وتحملها الجريمة بدلاً عن المجرم الحقيقي، وكأن الفتاة هي التي أجرمت بكونها فتاة أو لأنها تريد العيش بحرية في مجتمع أصبحت فيه الحرية سُـبَّة.

أولاً: أراد الشاب القاتل نزع حرية الطالبة عندما أراد أن يتزوجها وهي رفضته وهذا أقل حقوقها، ومن الواضح أنه أراد بالتهديد والوعيد أنه يفرض نفسه عليها حتى وإن كان بدون إرادتها، ولكن كانت البنت أقوى من التهديد وأقوى من الشاب ووقفت وقالت لا وهي لها كل الحق لأن هذه حياتها ولها حرية الإختيار تعيش باقي حياتها مع من ولكن هذه الفتاة المسكينة دفعت حياتها ثمناً لحريتها ورفضها لذاك الشخص وفي كل هذا حدث ما حدث وهي ذهبت إلى خالقها وهو سوف يأخذ العقاب الذي يستحقه،

ولكن لننظر سوياً حكم بعض منا علغ القضية، وجدنا بعض منهم يتهجم ويهاجم الفتاة البريئة المقتولة، يلومون عليها وعلي ملابسها، ما دخل ملابس الفتاة بالجريمة، والجريمة هنا لا علاقه لها باللبس أو الحجاب أو غير ذلك، بل بسبب حبه للفتاة، وهي ترفض ذلك الحب أو الإرتباط، ونقطة أخرى، هل هي الوحيدة بجامعة المنصورة كلها ترتدي نفس الملابس؟ البعض يعلق ويقول: لأنها غير محجبة هل معنى ذلك أن كل فتاة غير محجبة تستحق القتل؟، الحجاب فريضة في الدين الإسلامي وهذا شيء جيد وحسن ولكن ليس إجباراً على أحد، ونحن نرى أن الحجاب ليس له شأن بالقضية، ولكن يوجد من يحول كل القضايا إلى قضايا أخرى حتي يجعل المجتمع كله يتشبه به ويجرنا مرة أخرى إلى أفكاره وإلى كياناته المكونة تحت الأرض لتصبح بين ليلة وضحاها فوق الأرض مرة أخرى،

علينا أن ننتبه أننا في مصر بلد الحرية، بلد الإختلاف في الأديان وفي الفكر وفي العمل، ولكن بلد يتفق علي حبها المائة وعشر مليون مصري، فلا يجب علينا أن ننساق وراء من يريدون مصر على حسب هواهم، بل مصر هي مصر وستظل، وأما روح هذه البنت البريئة لا يجب علي أي إنسان لديه ضمير أن يقبل أن يقال أنها هي المخطئة، لأننا إذا قمنا باللوم على الضحية وأنصفنا المجرم نحن هكذا نعطي فرصة لأشخاص آخرين في المجتمع أن يصبحوا مثل هذا المجرم ولننتظر بهذا الشكل قضايا أخرى وحوادث أخرى بهذا الشكل المثير ويصبح الشارع المصري الذي يتمتع بالأمن والأمان مكان يهرب منه الجميع، لأنه أصبح مكان لسفك الدماء وهذا بسبب ناس تحمل أفكار إرهابية وتحيا بيننا في سلام.

هل الفتاة لأنها اختارت ملابسها كما تشاء مجرمة؟ هل الفتاة لأنها أرادت أن ترفض هذا الشاب وتختار ما تريده مجرمة؟هل الفتاة لأنها لم ترتدي الحجاب في هذا الوقت مجرمة!

وإذا كانت أخطأت في أي نقطة من هذه النقاط هل تستحق الذبح والحكم عليها بالإعدام من قبل شخص متهور، وهنا أريد أن أقول كل من سلب حق الفتاة وجعلها مدانة مخطئ في حق نفسه والمجتمع ولابد وأن يراجع نفسه، لأنه مرة أخرى ترك الجاني ومسك الضحية وكأن الضحية هي المجرمة.

حقاً شيء لا يصدقه عقل متزن واعٍ ومتعلم ومتدين، الدين الرحمة ياسادة، الدين المحبة، الدين المعاملة، وإنصاف الضعيف على القوي وإرجاع الحق إلى أصحابه، أما حادثة القس والتي تشبه هذه الحادثة حدثت أيضاً في ضوء النهار، ولكن القضاء المصري حسم القضية وحكم على القاتل بتحويل أوراقه إلى فضيلة المفتي ونحن نثق في قضاء مصر الشامخ أنه سوف يعطي حكماً عادلاً ليثلج صدر أهل نيرة ويرجع الحق إلى أصحابه وينصف المظلوم وهذا هو قضاء مصر الشامخ الذي يحارب الأفكار الهدامة والأفكار الإرهابية والجريمة بكل أشكالها، ونحن نقف جنباً إلى جنب مع الجيش والشرطة المصرية الباسلة وتحيا مصر.

موضوعات متعلقة