عبد العاطي: مصر لن تألو جهدا من اتصالاتها للتوصل لوقف إطلاق النار بغزة

أكد وزير الخارجية والهجرة، الدكتور بدر عبد العاطي، أن مصر لن تألو جهدا، من خلال كل اتصالاتنا المستمرة، في سبيل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما سيكون توطئة للتوصل إلى رؤية أشمل للوقف الكامل للحرب وإطلاق سراح كل الرهائن وعدد من الأسرى ونفاذ المساعدات الإنسانية، وهذه هي الرؤية الوحيدة العملية.
جاء ذلك ردا على سؤال لوكالة أنباء الشرق الأوسط حول محاولات استهداف الوساطة المصرية كلما قامت مصر بزيادة ضغوطها على الجانب الإسرائيلي لمحاولة الوصول لوقف إطلاق النار، وذلك خلال تصريحات للمحررين الدبلوماسيين بمدينة العلمين الجديدة اليوم /الخميس/.
وأوضح وزير الخارجية أنه بالنسبة للرؤى الأخرى التي تطرح؛ مثل القول إن جميعنا نسعى للوقف الفوري للحرب بشكل كامل، وكلنا نسعى إلى صفقة شاملة، علينا أن نكون واقعيين وأن تكون هناك شروطا واقعية قابلة للتنفيذ، وليس وضع شروط تعجيزية.
وشدد الوزير عبد العاطي على أن "عناصر الرؤية المصرية واضحة ولم تتغير قيد أنملة"، مشيرا إلى أن السعى والدأب والاستمرار من أجل التوصل لوقف إطلاق نار وفقاً لمقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
وقال وزير الخارجية إن العنصر الثابت الذي لن يتزحزح على الإطلاق هو الدعم الكامل للحقوق الفلسطينية، وهي حقوق لا تخضع لسلطة الاحتلال، وهي حقوق مقررة من جانب المجتمع ووفقاً لقرارات الأمم المتحدة وبالتالي لن نتزحزح عن ذلك، مضيفا: "أكدنا مراراً وتكراراً أنه بدون تجسيد الدولة الفلسطينية لن يكون هناك أمن واستقرار لإسرائيل".
وجدد الوزير التأكيد على العنصر الثابت المتعلق بالرفض الكامل لأية خطط لتصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أكثر من مرة أن بوابة رفح هي فقط لدخول المساعدات الإنسانية والطبية ولن تكون بالتأكيد منفذا لتصفية القضية من خلال التهجير.
وشدد وزير الخارجية على أن الجهد المصري لم يتوقف ولو للحظة، والإحباط والتشاؤم غير وارد بالنسبة لنا، ولا بد من السعي الدؤوب لأن هناك من يموتون بسبب الآلة العسكرية الإسرائيلية وآخرون يموتون بسبب قلة الطعام والمجاعة، وبالتالي لا يمكن أن نتوقف عن الجهد وهذه تعليمات واضحة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للاستمرار في الجهود المخلصة والدؤوبة لأنه لابد من التوصل لوقف إطلاق النار، لأنه لا يمكن أن تستقيم الأمور على ما هي عليه، وهو أمر غير مقبول.
وأكد أن مصر تكثف اتصالاتها مع الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد اجتماعاً قبل نهاية هذا الشهر بالدنمارك على مستوى وزراء الخارجية، مبرزا الاتصالات أيضا مع كافة الأطراف الأوروبية المهمة بما في ذلك الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى وزير الخارجية الألماني ووزير خارجية الدنمارك التي تترأس حاليا الدورة الحالية للاتحاد، فضلا عن الجانبين الفرنسي والنرويجي للتأكيد على أهمية الضغط واتخاذ إجراءات محددة لأنه بدون اتخاذ إجراءات محددة ستستمر عملية القتل والتجويع الممنهجة والإبادة الجماعية التي تتواصل تحت مرأى ومسمع من العالم.
وأضاف أن الرسالة التي نقلناها هي أنه لا بد من الضغط والإجراءات المحددة، مشيرا إلى أن مصر ثمّنت الموقف الألماني المتعلق بوقف تصدير الأسلحة والذخائر.
وقال وزير الخارجية إن لدينا طلبات محددة من الجانب الأوروبي ومن أطراف دولية أخرى متمثلة في موضوع الذخائر والأسلحة، والتهديد بتطبيق إجراءات محددة لأن ما يحدث هو مسألة خارج نطاق العقل والمنطق، بالإضافة إلى الضغوط المكثفة لأنه كان هناك مقترح للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وتم الاتفاق عليه والقبول به من جانب حركة حماس.
وشدد على أنه لا مجال لأن نتراجع عما تم إنجازه، والجهد لن يتوقف على الإطلاق، كما سنستمر في الضغوط، مشيرا إلى الاستمرار في الاتصالات مع الجانب الأمريكي ومع الجانب الإسرائيلي من خلال القنوات المختلفة.
وحول إعلان إسرائيل السيادة على الضفة الغربية، أكد وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي أنها قرارات غير مشروعة ومرفوضة ومستهجنة تماماً والمجتمع الدولي كله يرفض ويلفظ هذه القرارات لأنها تستهين بكل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وتستهين أيضاً بأبسط مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بعدم إجراء أية تغييرات من جانب سلطة الاحتلال للأراضي التي يتم احتلالها.
وردا على سؤال حول محاولات بعض العناصر غير الوطنية لإبعاد الضغط عن إسرائيل بعد المجاعة التي تحدث في غزة وتوجيه انتقادات لمصر ومحاولة مهاجمة بعض السفارات، قال وزير الخارجية: "منذ اليوم الأول سقطت الأقنعة وكل من يحاول استهداف المصالح المصرية فهو خاسر وبائس ويعمل لمصلحة أجندة خفية بالتأكيد لا تصب إلا في خدمة المحتل وخدمة قوة الاحتلال وخدمة الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح عبد العاطي أن هذه هي الرؤية الواضحة للعيان لأن من يقوم بالجهد الأوحد في الضغط لنفاذ المساعدات والتشبث ببقاء القضية الفلسطينية حية وقائمة من خلال رفض تصفيتها من خلال مخطط التهجير هو مصر، وأياديها بيضاء والكل يعلم ذلك، وبالتالي هؤلاء البائسون والخاسرون الذين يروّجون للأجندة الإسرائيلية إنما هم يشتتون الانتباه عن الطرف المتسبب في المجاعة وهو الاحتلال الإسرائيلي بما يقوم به من جرائم غير مسبوقة وجرائم تصل إلى الإبادة الجماعية.
وحول محاولات إسرائيل نقل الوساطة بعيدا عن مصر وقطر، أكد الدكتور بدر عبد العاطي أن هذا كله لغو، والوساطة المصرية القطرية قائمة وثابتة ومستمرة و"نحن نرحب بأي جهد من أية دولة تستطيع وقف عملية الإبادة ونرحب بذلك ترحيبا شديدا فنحن لا نسعى وراء الظهور بل نسعى فقط لهدف نبيل وهو وقف أعمال القتل والتجويع الممنهج التي تتم بحق شعب أعزل".
وحول واقعية خيار فرض الحماية الدولية على الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو في الضفة والحديث حول تشكيل قوة عربية إسلامية دولية مشتركة، قال الوزير عبد العاطي إن الشعب الفلسطيني الأعزل يستحق الحماية من جانب المجتمع الدولي؛ و"قلنا كثيرا أن بديل نشر قوات دولية أمر مطروح ونحن نوافق عليه ولكن وفقا لاعتبارات محددة في مقدمتها أن يكون ذلك بقرار من مجلس الأمن وأن تشارك فيه الولايات المتحدة وأن يكون بهدف وفي إطار أفق سياسي يقود إلى تجسيد الدولة الفلسطينية، بحيث يكون دور هذه القوة واضح في إطار قرار مجلس الأمن ويكون لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني .. وأيضا لا مانع كذلك من توفير الحماية لكل دول منطقة بما في ذلك إسرائيل لكن الهدف الأسمى هو تمكين الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية في أن تخطو خطوات محددة نحو إقامة الدولة الفلسطينية".
وحول التعاون مع الجانب الروسي والاتصالات المصرية معهم، أوضح وزير الخارجية أن الاتصالات مع الأصدقاء في روسيا مستمرة، مضيفا "كان لدي اتصال هاتفي مطول مع الصديق الوزير سيرجي لافروف منذ عدة أيام، وروسيا الاتحادية دولة كبيرة بالتأكيد لها وزن ونحن نتشاور معهم لأن الهدف مشترك وهو العمل على وقف هذه الجرائم التي تجري جهاراً عياناً بشكل يومي في قطاع غزة ولابد من وقفها واحترام القانون الدولي بطبيعة الحال ووضع حد لكل ما يهدف إليه الجانب الإسرائيلي من تصفية لهذه القضية".
وحول الاتصالات مع الجانب الأمريكي، قال الوزير إنه في تواصل مستمر مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ومع وزير الخارجية ماركو روبيو، وهناك تعاون معهم من أجل التوضيح أن الحل العملي الوحيد القائم هو القبول بهذه الصفقة المبنية على اقتراح المبعوث ويتكوف، وأن ذلك بطبيعة الحال هو أفضل الخيارات المطروحة حاليا وبما يؤسس ويؤدي إلى الوقف الكامل للحرب وللعدوان والتوصل إلى الصفقة الشاملة التي نبتغيها جميعا فكلنا نبتغي صفقة شاملة حتى لا يتكرر العدوان مرة أخرى.. وأردف الوزير: "لكن مرة أخرى علينا أن نكون واقعيين وعمليين من خلال طرح أمور قابلة للتنفيذ على أرض الواقع وهو ما يتجسد في إطار مقترح ويتكوف الذي قبلت به حركة حماس".
وردًا على سؤال حول التصعيد الإسرائيلي مجددا فيما يخص الملف النووي الإيراني، قال الدكتور بدر عبد العاطي: "لدينا اتصالات شبه يومية مع كل الأطراف المعنية، ومع الجانب الأمريكي، مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، مشيرا إلى أنه كان على اتصال مستمر على مدار الأيام الماضية مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي.
ولفت وزير الخارجية إلى أنه التقى كذلك بوزير خارجية إيران عباس عراقجي في جدة وهناك اتصالات شبه يومية بينه وبين أطراف الـ E3 - وهي إنجلترا وفرنسا وألمانيا - مؤكدًا: هناك توجيهات من الرئيس السيسي بالعمل على خفض التصعيد لأن العودة للحلول العسكرية هو أمر من شأنه زيادة وومضاعفة عناصر عدم الاستقرار في المنطقة؛ لذلك نحن لن نوقف الجهد المصري الدؤوب لخفض التصعيد في المنطقة سواء في سوريا أو لبنان أو في غزة أو السودان أو ليبيا، أو في الملف النووي الإيراني. ولن نتوقف عن هذه الجهود لأن هدفنا واضح تماما وهو بالتأكيد خفض للتصعيد. ورؤيتنا واضحة بالنسبة للملف النووي الإيراني؛ فلا بد من التعاون واستئناف التعاون الفوري بين إيران والوكالة النووية، ولا بد أيضاً من العودة إلى مسار التفاوض بين الولايات المتحدة والجانب الإيراني.
وقال الدكتور عبدالعاطي: "نقلنا رسائل واضحة لمجموعة E3 الأوروبية بأهمية إعطاء فسحة أطول وأكبر من الوقت للدبلوماسية للتواصل ولإيجاد حلول سياسية بعيدا عن التهديد بالقوة أو بفرض العقوبات.. هذه هي رسالتنا".
وحول الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، أكد وزير الخارجية إدانة مصر الكاملة كل الاعتداءات الإسرائيلية التي تتم على الأراضي السورية وأيضاً على الأراضي اللبنانية، مشيرا إلى عقد لقاء مهم بالأمس بين السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلم، الذي نقل رسائل واضحة بحرص مصر الكامل على أمن واستقرار لبنان وقطع الطريق أمام أي شيء من شأنه انتهاك سيادة لبنان وأهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 والانسحاب الفوري لإسرائيل من النقاط الخمس المحتلة وأيضا إجراء حوار داخلي لبناني، وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو أن تكون هناك دولة واحدة، وسلطة واحدة، وسلاح واحد في إطار تفاهمات داخلية تجمع كل الأطراف في لبنان.