أنباء اليوم
الثلاثاء 1 يوليو 2025 04:36 مـ 5 محرّم 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي

الكذب رأس كل خطيئة

الكذب، هو عدم قول الحقيقة، أو تزييفها، أو التغاضي عن قولها، ومن أقبح الصفات على الإطلاق، ومن الأشياء التي حرّمها الله سبحانه وتعالى. وردت الكثير من نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة التي حرّمته ونهت عنه، فهو من صفات المنافقين، الذين أعدّ الله سبحانه وتعالى لهم أشدّ أنواع العقاب يوم القيامةو.يُمكن تعريف الكذب بأنّه سلوك اجتماعي مُكتسب يتمثّل بإيصال معلومات مزيّفة، وغير مُطابقة للواقع للأخرين، مع تبطين نيّة الخداع والمراوغة؛ وذلك بقصد تحقيق منافع، أو مكاسب معيّنة، أو للتهرّب من تحمّل مسؤولية أخطاء، وأفعال غير سويّة مرتكبة، الأمر الذي يُخلّف العديد من الأضرار، ويخلق الكثير من المشاكل بين أفراد المجتمع

أنواع الكذب:
الكذب أنواع متعددة، فمنه ما يكون في الأقوال، ومنه ما يكون في الأفعال، ومنه ما يكون في النِّيات.
أولاً: الكذب في الأقوال:
وهو أن يخبر بخلاف الصدق، وبخلاف الواقع، وهذا أيضًا أشكال متعددة، تتفاوت في الإثم بحسب كل شكل منها، فأعظمها وأكبرها إثما الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) [الأنعام:21].

ومن ذلك التحليل والتحريم، بحسب الأهواء، لا بحسب الشرع المنزل من عند الله، ولهذا عنَّف الله الكفار حين ادعوا أن ما شرعوه من عند أنفسهم هو الشرع الذي أوحى به الله: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) [النحل:116].وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (الشورى:21)
والنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر من الكذب عليه، فقال: "مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" [صحيح الجامع الصغير:6519].

ثم يأتي بعد ذلك الكذب على المؤمنين، ومنه شهادة الزور التي عدَّها النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر، وكم وُجد في عصرنا هذا من باع دينه وضميره وشهد شهادة زور، فأضاع حقوق الناس أو رماهم بما ليس فيهم، طمعًا في دنيا أو رغبة في انتقام أو تشفٍّ.
ومنه الكذب في المزاح ليُضحك الناس، وقد جاء في الحديث: "وَيْلٌ لِلّذِي يُحَدّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ". [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه].

ثانيًا: الكذب في الأفعال:
فقد يفعل الإنسان فعلاً يوهم به حدوث شيء لم يحدث، أو يعبر به عن وجود شيء غير موجود، وربما يكون الكذب في الأفعال أشد خطرًا أو أقوى تأثيرًا من الكذب في الأقوال، ومن أمثلة ذلك، ما حكاه الله لنا من أقوال وأفعال إخوة يوسف عليه السلام، إذ جاءوا أباهم عشاءً يبكون بكاءً كاذبًا.. وجاءوا على قميص يوسف بدم كذب، فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل.[الأخلاق الإسلامية 1/529].

ثالثًا: الكذب في النيات:
وهو أن يقصد بنيته غير وجه الله تعالى، ويدل عليه حديث الثلاثة الذين تُسعَّر بهم النار: "الشهيد والمُنْفِقْ والعالِم". حين يدَّعِي كل منهم أنه فعل ذلك لوجه الله، فيقال لكل منهم: كذبت ولكن قاتلت ليقال جريء فقد قيل. وللآخر: كذبت ولكن تصدَّقت ليقال جواد. وللثالث: كذبت ولكن تعلمت ليقال عالِم.
فالكذب هو رأس كل خطيئة، وهو عارٌ على صاحبه

علاج الكذب

يلجأون إلى الكذب لتجميل صورتهم العامّة أمام الآخرين، والحفاظ على تقدير النفس، خاصةً إذا ما شعروا بأي تهديد مُحتمل، ويلاحظ أن هذا الدافع هو أحد أكثر الأسباب شيوعاً لحالات الكذب بين زملاء المهنة الواحدة. تحسين الحالة النفسية للطرف المقابل: تبيّن أن النساء أكثر ميلاً لاستخدام الكذب كوسيلة للترويح عن نفوس الآخرين، وتقديم المجاملات الزائفة بهدف تحسين حالة الطرف المُقابل بشكل عام. حماية الخصوصية: يبدو هذا الدافع لدى البعض مبرراً للكذب، وينطوي عليه ضمان حماية الإنسان لنفسه، والآخرين من أي تلاعب، أو أعمال خبيثة إذا ما كُشفت أموره الشخصيّة.
يُمكن للإنسان التغلّب على مشكلة الكذب، حتى وإن كانت عادةً متأصّلةً في نفسه، ويكون ذلك باتباع النصائح الآتية:[٣] استحضار الوازع الديني: يُعد الخوف أحد أبرز الدوافع التي تقف وراء ظاهرة الكذب، لذا فإنّ ثقة الإنسان بالله، وخوفه منه وحده يُجنّبه فخاخ الشيطان الذي يُرهبه من الأشياء والأشخاص. ترويض النفس على الصدق: تنساق النفس لمشيئة صاحبها مع التدريب والتعويد، ورغم صعوبة مُجاهدتها على تحرّي الصدق إلا أنّ الأمر يستحق الصبر، والاحتمال. الرضا بالأقدار والأرزاق: يلجا الكثير من الطامعين إلى الكذب لتحقيق منافع دنيويّة، فإذا رضي الإنسان بما قسمه الله من رزق، وسلّم بقدره، ومشيئته، اطمئن وجنّب نفسه الخوض بالأكاذيب
الكذب آفة اجتماعية خطيرة، وهو خلق ذميم يضر بالفرد والمجتمع على حد سواء. يجب على المسلم أن يجتنب الكذب بكل أشكاله، وأن يتحلى بالصدق والأمانة في جميع أقواله وأفعاله، فالصدق يهدي إلى البر والجنة، والكذب يهدي إلى الفجور والنار رضا الله هو غايتنا في هذه الحياة، لذا يجب علينا الاقتراب من كل ما يرضي الله تعالى، والابتعاد عن كل ما يغضبه، والكذب هو أحد الأخلاق السيئة التي تتسبب في غضب الله تعالى منّا، لذا علينا تجنبه، وتحري الصدق دوما لكي نُكتب عند الله من الصادقين.