تسارع نمو اقتصاد قارة أفريقيا من 3.3% في 2024 إلى 3.9% هذا العام

أظهر تقرير التوقعات الاقتصادية الإفريقية 2025 للبنك الإفريقي للتنمية الذي تم إطلاقه خلال الاجتماعات السنوية للبنك والتي تعقد في أبيدجان- كوت ديفوار خلال الفترة من ٢٦ الي ٣٠ مايو الحالي أن إفريقيا لديها القدرة على تعبئة موارد محلية إضافية بقيمة 1.42 تريليون دولار أمريكي من مصادر الإيرادات الضريبية وغير الضريبية.
وأشار التقرير الي انه من المتوقع أن يتسارع نمو الاقتصاد الإفريقي من 3.3% في عام 2024 إلى 3.9% في عام 2025، ليصل إلى 4.0% في عام 2026، على الرغم من تصاعد الشكوك الجيوسياسية والتوترات التجارية.

ارتفاع مستويات الديون
وقال التقرير إنه في سياق عالمي يتسم بالرياح المعاكسة التي تشمل أيضًا تضخمًا بلغ متوسطه 18.7 في المائة في عام 2024، وتراجع المساعدات الخارجية وارتفاع مستويات الديون، تواصل أفريقيا إظهار مرونة ملحوظة.

وأوضح التقرير الذي يحمل عنوان ” تحقيق أقصى استفادة أفريقيا من رأس مالها لتعزيز تنميتها قدرة القارة على مواجهة الصدمات المتعددة مع تحديد مسارات لإطلاق إمكانات هائلة للتحول.

ويقدم التقرير توقعات مشجعة على الرغم من التحديات الكبيرة: حيث سيحقق 21 بلداً إفريقياً نمواً يتجاوز 5 في المائة في عام 2025، مع احتمال وصول أربعة بلدان، وهي إثيوبيا والنيجر ورواندا والسنغال، إلى عتبة 7 في المائة الحرجة المطلوبة للحد من الفقر والنمو الشامل.

معدلات النمو
وستتجاوز معدلات النمو المتوقعة في أفريقيا المتوسط العالمي وستتفوق على معظم المناطق الأخرى باستثناء آسيا الناشئة والنامية.

وأكد التقرير أن مرونة أفريقيا المستمرة تستند إلى الإصلاحات المحلية الفعالة وتحسين إدارة الاقتصاد الكلي.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة قائمة حيث يعاني 15 بلدًا من تضخم من رقمين في حين تستهلك مدفوعات الفائدة الآن 27 في المائة من الإيرادات الحكومية في جميع أنحاء أفريقيا، بعد أن كانت 19 في المائة في عام 2019.

الإيرادات الضريبية
قال البروفيسور كيفن تشيكا أوراما، كبير الخبراء الاقتصاديين ونائب رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، خلال إطلاق نتائج التقرير: ”يجب على أفريقيا الآن مواجهة التحدي والتطلع إلى الداخل لتعبئة الموارد اللازمة لتمويل تنميتها في السنوات المقبلة“. بما تمتلكه من إمكانات هائلة من الموارد المحلية لا تزال غير مستغلة.

يتوقع التقرير لعام 2025 أن أفريقيا كيف يمكن أن تحشد موارد محلية إضافية بقيمة 1.42 تريليون دولار أمريكي من مصادر الإيرادات الضريبية وغير الضريبية. وتشمل قاعدة الموارد الاستثنائية في أفريقيا غير المستغلة بشكل كافٍ وذلك من خلال:

رأس المال الطبيعي: تستضيف إفريقيا 30 في المائة من احتياطيات المعادن العالمية ويمكنها الحصول على أكثر من 10% من الإيرادات المتوقعة البالغة 16 تريليون دولار من المعادن الخضراء الرئيسية بحلول عام 2030.

رأس المال البشري: يمثل متوسط العمر في القارة البالغ 19 عامًا عائدًا ديموغرافيًا يمكن أن يضيف 47 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا من خلال تحسين مشاركة القوى العاملة.

رأس المال المالي: نمت أصول صناديق المعاشات التقاعدية إلى 1.1 تريليون دولار، في حين أن التحويلات الرسمية يمكن أن تصل إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2035 إذا تم تخفيض تكاليف التحويل.

رأس المال التجاري: يمكن أن يؤدي التنفيذ الكامل لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إلى زيادة الصادرات بمقدار 560 مليار دولار وزيادة دخل القارة بمقدار 450 مليار دولار بحلول عام 2035

الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة تسرب الموارد
يشدد التقرير على أن تدفقات رؤوس الأموال الضخمة إلى الخارج تقوض التنمية، إذ تخسر أفريقيا ما يقرب من 587 مليار دولار أكثر من إجمالي إيراداتها الحكومية. ومن هذا المبلغ، تُفقد حوالي 90 مليار دولار سنوياً بسبب التدفقات المالية غير المشروعة، و275 مليار دولار أخرى يتم تحويل أرباحها من قبل الشركات متعددة الجنسيات، و148 مليار دولار تُفقد بسبب الفساد.

وقال نائب الرئيس أوراما: ”عندما تخصص أفريقيا رأس مالها الخاص (البشري والطبيعي والضريبي والتجاري والمالي) بشكل فعال، فإن رأس المال العالمي سيتبع رأس مال أفريقيا لتسريع الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية في أفريقيا.“

أداء نمو متباين عبر مناطق أفريقيا
وأظهر التقرير أن آفاق النمو تختلف بشكل كبير بين المناطق: وتتصدر منطقة شرق أفريقيا مع نمو متوقع بنسبة 5.9 في المائة في الفترة 2025-2026، مدفوعًا بالمرونة في إثيوبيا ورواندا وتنزانيا. وتحافظ منطقة غرب أفريقيا على نمو قوي بنسبة 4.3%، مدفوعًا بإنتاج النفط والغاز الجديد الذي بدأ في السنغال والنيجر.

وفي مواجهة الرياح المعاكسة المستمرة، من المتوقع أن تسجل شمال أفريقيا نمواً بنسبة 3.6% في عام 2025. أما في وسط أفريقيا، فمن المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 3.2%، ومن المتوقع أن تنمو منطقة الجنوب الأفريقي بنسبة 2.2% فقط، مع توقع أن يحقق أكبر اقتصاداتها، جنوب أفريقيا، نمواً بنسبة 0.8% فقط.

وذكر نائب الرئيس أوراما أنه "لا يمكن أن يكون هناك بديل عن الإدارة السليمة لسياسات الاقتصاد الكلي، والحوكمة المؤسسية الجيدة، والشفافية والمساءلة، وسيادة القانون"، مؤكداً على الحاجة الحيوية لتعزيز الحوكمة.

الإيرادات المالية
ويدعو التقرير أيضًا إلى إجراء إصلاحات شاملة في عدة مجالات حيوية. ففيما يتعلق بتعبئة الإيرادات المالية، يوصي التقرير بتعزيز الإدارة الضريبية من خلال الرقمنة، وتوسيع القواعد الضريبية الوطنية، وتعزيز العقود الاجتماعية مع المواطنين لتحسين الامتثال. ويدعو التقرير إلى جعل محاسبة رأس المال الطبيعي إلزامية وفرض الاحتفاظ بالقيمة المحلية من خلال متطلبات الاستفادة.

ويشدد التقرير على الحاجة إلى تعميق الأسواق المالية من خلال الاستفادة من المدخرات المؤسسية، وتطوير أسواق السندات بالعملة المحلية، ومواءمة الأطر التنظيمية لتسهيل الاستثمار عبر الحدود.

ويقدم التقرير لعام 2025 تحليلاً مفصلاً لكل بلد على حدة وتوصيات بشأن السياسات لجميع الدول الأفريقية البالغ عددها 54 دولة، ويقدم خارطة طريق شاملة لإطلاق إمكانات التحول في أفريقيا من خلال تحسين تعبئة موارد رأس المال المحلية واستخدامها.