الخميس 25 أبريل 2024 05:42 مـ 16 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

دافعي عن حدودك بكل قوة ولا تتهاوني في حقك

كتبت -هبه حسين
سيدتي الجميله إليكي هذا المقال لتعلمي أن
قد يكون المتحرش متعلماً أو جاهلاً، شاباً أو كهلاً، متزوجاً أو أعزباً، غنياً أو فقيراً - قد يكون أي شخص. إلا أن هؤلاء الأشخاص يشتركون بشكلِ كبير في تركيبتهم النفسية ودوافعهم التي تقودهم إلى هذا السلوك. فلنتعرف عليها.
العديد من الدراسات والأبحاث حاولت ربط التحرش والاعتداء الجنسي بالوضع الاجتماعي، أو التعليمي، أو المادي، أو الفئة العمرية.
أغلبها أظهرت في النهاية أنه لا توجد قوالب معينة يمكن أن نصنف من خلالها الشخص المتحرش جنسياً.
قد يكون متعلماً أو جاهلاً، شاباً أو كهلاً، متزوجاً أو أعزباً، غنياً أو فقيراً ... قد يكون أي شخص.
إلا أن هؤلاء الأشخاص يشتركون بشكلِ كبير في تركيبتهم النفسية ودوافعهم التي تقودهم إلى هذا السلوك.
من يقوم بالتحرش الجنسي إذن؟
1-هو الذي تقديره منخفض للذات
الاعتداء الجنسي ليس له علاقة بالمتعة الجنسية، وكثير من الأشخاص ممن يقومون بهذا التصرف، يعانون من تقدير منخفض للذات، مما يدفعهم للتحرش، رغبة منهم في الشعور بالسيطرة والهيمنة على أشخاص أضعف.
عدم قدرتهم على الشعور بأهميتهم وقيمتهم وقدرتهم على التحكم في حياتهم، يدفعهم إلى هذا السلوك المرضي.
2-عدواني الشخصية
في أحيان أخرى، يكون التحرش الجنسي مجرد رغبة في الاعتداء على الضحية، تماماً كالضرب والسب.
شعور المتحرش أن الضحية قد تكون أفضل منه اجتماعياً أو مادياً، أو حتى في قدرتها على التحرر والتعبير عن النفس، وفي تقديرها لذاتها، يحرك داخله رغبة في الاعتداء عليها.
هذا يفسر اختيار هؤلاء الأشخاص، في الكثير من الأحيان، للسيدات المتحررات أو الناجحات عملياً للاعتداء عليهن.
3-تقمص شخصية المعتدي
تقمص شخصية المعتدي هي وسيلة دفاعية معروفة في علم النفس.
يقوم الشخص المُعتدَى عليه بتقمص دور الشخص الذي قام بالاعتداء عليه، ليتخلص من الشعور بالألم الذي يسببه له الإحساس بكونه ضحية.
نعم تعرض الشخص للتحرش في وقتٍ ما، وخاصة في فترة الطفولة، قد يجعل منه متحرشاً، إذا لم يتلقى الدعم النفسي الكافي، رغبة منه في التخلص من إحساسه بالضعف والعجز.
هذه الحيلة الدفاعية لا تؤدي إلا إلى شعور مؤقت بالرضا، ثم تعود مشكلته النفسية العميقة لدفعه لتكرار هذا الأمر مراراً.
النتيجة هي المزيد من الضحايا والتشوهات النفسية في المجتمع. تظهر هنا أهمية تقديم الدعم النفسي لكلا الطرفين - الضحية والمعتدي - للقضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها في مجتمعاتنا.
4-المعتقدات المشوهة عن الجنس
نتيجة للتربية الخاطئة والثقافة الفاسدة، يتكون لدى بعض الذكور اعتقاد خاطئ بأن كل النساء ترغبن في الجنس، من أي شخص، في أي وقت، وأنه حين يقوم بلمس جسد امرأة ما، أو إلقاء كلمات جنسية فجة على مسامعها، فإن ذلك يعجبها ويرضيها وإن أظهرت عكس ذلك.
تكاتف المؤسسات التعليمية والإعلامية، ومؤسسات المجتمع المدني، يعد أمراً هاماً لإيصال صورة واضحة وصحيحة عن الجنس - كونه أمراً شديد الخصوصية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشاعر والعواطف.
أحبي جسدك ولا تنفري منه ولا تكرهيه، فليست المشكلة في الأجساد وإنما في العقول.
كيف يختار المتحرش ضحاياه؟
المتحرش شخص ضعيف ومشوه نفسياً، وغير واثق بنفسه، لذا، من الطبيعي عندما يختار ضحيته أن يختار شخصاً يشعر بضعفه وقلة حيلته، ولن يسبب له المتاعب.
للأسف في مجتمعاتنا العربية أغلب النساء تخشين من اتخاذ رد فعل حيال التحرش الجنسي، خوفاً من نظرة المجتمع، ومن الفضيحة، ومن إلقاء اللوم عليهن. الأكثر أسفاً أن المتحرش يعلم ذلك جيداً.
صدقيني يا سيدتي، هذا الخوف الكامن بداخلك يشجع المتحرش على القيام بمثل هذه الأفعال. لو وصله منكِ غير ذلك لفكر ألف مرة قبل التفكير في الاعتداء عليكِ.
الرسائل غير المنطوقة، عن طريق لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، ونظرات الأعين، ونبرة الصوت، والإيماءات، تمثل 55% من الرسائل المتبادلة بين البشر.
مجرد قرار تتخذينه بداخلك، أنكِ لن تسمحي لأحد أن يتعدى عليكِ بأي شكل، وأنكِ لن تتهاوني في الدفاع عن نفسكِ بكل الطرق، سوف يظهر عليكِ وسيصل إلى كل من حولك - سواء في الشارع، أو المواصلات، أو العمل، أو المنزل - دون أن تنطقي بكلمة واحدة.
حينها لن يتجرأ أحد هؤلاء المرضى على الاعتداء عليكِ، فهو أكثر جبناً من مواجهتك.
مسؤولية الضحية والشعور بالذنب.
من أكثر المشاكل النفسية شيوعاً، التي تواجه ضحايا التحرش الجنسي، هي الإحساس بالمسؤولية، والشعور بالذنب، تجاه ما حدث.
تبدأ الضحية في جلد الذات: هل كان ما أرتديه ضيقاً أو مثيراً؟ هل كان يجب ألا أذهب إلى هذا المكان؟ هل قمت بتصرف ما دفعه إلى القيام بذلك؟
نقول ونؤكد:
أنت لست مسؤولة بأي شكل عما حدث.
لا يجب أبداً أن تشعري بالذنب.
أنت ضحية نفوس مريضة، ومعتقدات مشوهة، وعقول ناقصة، ولا علاقة لملابسك أو لتصرفاتك بالأمر.
جسدك ملك لك ولا يحق لأحد أن يلمسه، أو حتى ينظر إليه، دون إذنك، مهما كنتِ ترتدين وأياً ما كنتِ تفعلين.
دافعي عن حدودك بكل قوة ولا تتهاوني في حقك.
لا تخشي نظرة المجتمع ولا كلام الناس.
أحبي جسدك ولا تنفري منه ولا تكرهيه، فليست المشكلة في الأجساد وإنما في العقول المشوهة