أنباء اليوم
السبت 6 سبتمبر 2025 09:31 مـ 13 ربيع أول 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي
مصر تواجه تونس على استاد هيئة قناة السويس بالإسماعيلية وديًا استعدادًا لكأس العرب بحضور وزير الخارجية.. منح ” وسام ماسبيرو” لعدد من رواد الإعلام تقديرا لمسيرتهم محافظ كفرالشيخ يُسلّم 9 عقود تقنين أراضي أملاك دولة للمستفيدين من المواطنين محافظ الجيزة يتابع التجهيزات النهائية لمعارض ”أهلًا مدارس” بمختلف الأحياء والمراكز من داخل مركز السيطرة وزير قطاع الأعمال العام يتابع الموقف التنفيذي لتطوير فندق ”شبرد” التاريخي بوسط القاهرة ”إيتا” الإيطالية تمدد تعليق جميع رحلاتها الجوية إلى تل أبيب نوريس الأسرع في التجربة الحرة الثالثة لسباق جائزة إيطاليا الكبرى دراسة تكشف عن فوائد جديدة للعسل وزير الدفاع يلتقي نظيره الغاني لبحث التعاون العسكري المشترك بلجيكا تعتقل مشتبها به بحوزته زجاجة مولوتوف أمام السفارة الإسرائيلية استطلاع: تراجع مستوى قبول ترامب لدى أثرياء أمريكا المكتب الإعلامي بغزة: العدوان الإسرائيلي أحدث دمارا بنسبة 90% بالقطاع

ا.د محمد مختار جمعة يكتب : ”هداية الإرشاد وهداية التوفيق”

لا شيء أعظم من الهداية ، وهي مِنّة يمن الله (عز وجل) بها على من يشاء من عباده ، حيث يقول سبحانه : " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ " (الأنعام :90) ، والمسلم يقرأ سورة الفاتحة في صلاة الفريضة كل يوم سبع عشرة مرة ، فضلًا عن قراءتها في النوافل وغيرها ، وفي كل مرة يطلب الهداية من الله (عز وجل) ، فيقول : "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" (الفاتحة : 6) ، وفي مطلع سورة البقرة وصف ربنا (عز وجل) القرآن الكريم بأنه هدى للمتقين، حيث يقول سبحانه : "ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ" (البقرة : 2) ، أي أن في القرآن الكريم إرشادًا للمتقين لما فيه صلاحهم وفلاحهم في معاشهم ومعادهم ، وكأن الله (عز وجل) عندما سألناه الهداية في سورة الفاتحة يجيبنا في الآية الثانية من سورة البقرة بأن سبيل هذه الهداية هو القرآن الكريم الذي أنزله سبحانه هدى ونورًا وضياء ورحمة وشفاء لما في الصدور.
والهداية في القرآن نوعان : هداية دلالة وإرشاد ، وهي مهمة الأنبياء والمرسلين والعلماء المصلحين، حيث يقول سبحانه لنبينا (صلى الله عليه وسلم) : "إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" (الرعد : 7)، أي : لكل قوم هاد يدلهم ويُرشدهم إلى طريق الرشاد ، ويقول سبحانه : "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ " (الشورى : 52) ، وهي الهداية العامة بإبانة طريق الحق والرشاد ، وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى: " وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " (فُصِّلت : 17) ، والمعنى : بيَّنا لهم طريق الحق من الضلال ، ووضَّحنا لهم طريق الرشد من الغي ، فسلكوا سبيل الغي لا الهدى والرشاد ، فكان عاقبة أمرهم خسرًا .
والثاني من أنواع الهداية : هو هداية تأييد وتوفيق ، وقد تفرد بها المولى (عز وجل) ، حيث يقول سبحانه في محكم التنزيل : "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (القصص : 56) ، فالهداية هنا بمعنى التوفيق لاتباع سبيل المؤمنين ، وهي فضل من الله (عز وجل) على عباده بتوفيقهم إلى طاعته ، وتيسيره سبيل النجاة والفلاح لهم ، حيث يقول سبحانه : "وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" (يونس : 25) ، ويقول سبحانه : "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" (الأنعام : 125) ، ويقول سبحانه : " أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ " (الزمر : 36 ، 37) ، ويقول سبحانه : " مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا " (الكهف : 17) .
وكما أن هناك توفيقًا للهداية فإن هناك توفيقًا آخر للثبات على هذه الهداية والترقي في درجاتها حيث يقول الحق سبحانه : "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ" (محمد : 17) ، وقال تعالى : "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى" (الكهف : 13) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ" (صحيح البخاري) ، أي لأن يجعلك الله (عز وجل) سببا في هداية شخص واحد خير لك من الدنيا وما فيها .
ونؤكد أن دور العلماء هو الإرشاد والبيان لا الهداية ولا الحساب ، أما الهداية الحقيقية فأمرها إلى من أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون ، وأما الحساب فهو من الله (عز وجل) وحده دون سواه ، حيث يقول سبحانه : " فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ" (الرعد : 40).