السبت 27 أبريل 2024 03:10 صـ 18 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

دور القضاء في تفسير حكم التحكيم

قد يصدر حكم التحكيم بشائبة الغموض في منطوقه، فيحتمل الفظ أكثر من معنى أو لا يدل على معنى واضح؛ فيكون في حاجة إلى تفسير.
ويقصد بتفسير الحكم توضيح حقيقة المقصود منه إذا شاب منطوق الحكم غموض أو إبهام من شأنه أن يجعل حقيقة المقصود منه مثارًا للبس والاختلاف، وعليه فإن طلب تفسير الحكم لا يكون إلا حيث يكون منطوق هذا الحكم غير واضح، أما إذا كان قضاء الحكم واضحا لا لبس فيه ولا غموض فلا يجوز تقديم طلب لتفسيره؛ حتى لا تكون ذريعة في التلاعب بحجية الأحكام، وفي جميع الأحوال لا ينصب طلب تفسير الحكم إلا على منطوقه, وفي جميع الأحوال أيضًا فإن المحكمة التي أصدرت الحكم تعمل على الكشف عن التقرير الذي يتضمنه الحكم فلا تتخذ التفسير وسيلة لتعديل حكمها أو الحذف منه أو الإضافة إليه
وقد أجاز المشرع المصري لهيئة التحكيم أن تفسر حكمها, فقد نصت المادة (49) من قانون التحكيم المصري على أنه: "يجوز لكل من طرفي التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه حكم التحكيم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض، ويجب على طالب التفسير إعلان الطرف الآخر بهذا الطلب مثل تقديمه لهيئة التحكيم، يصدر التفسير كتابة خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تقديم طلب التفسير لهيئة التحكيم، ويجوز لهذه الهيئة مد هذا الميعاد ثلاثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة لذلك، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمما لحكم التحكيم الذي يفسره وتسري عليه أحكامه" .
ولكن قد تتخلف هذه الشروط، كما أنه قد تثور الحاجة إلى تفسير حكم التحكيم من وقت لا يكون فيه اجتماع هيئة التحكيم من جديد ممكنًا بقصد تفسير الحكم كوفاة المحكم الوحيد الذي تتشكل منه هيئة التحكيم.
لم يعالج قانون التحكيم المصري هذا الفرض، كما أنه قصر اختصاص المحكمة المختصة أصلًا بنظر النزاع على المسائل التي يحيلها إليها القانون، ولم ترد أية إحالة في نص المادة (49) المشار إليها على هذه المحكمة وذلك لتتولى التفسير في حالة تعذر انعقاد هيئة التحكيم التي أصدرت حكم للتحكيم، ولذلك يتعين على الأطراف المحتكمين الاتفاق على استكمال هيئة التحكيم أو الاتفاق على تشكيلها لتتولى التفسير، فإذا تعذر، أمكن الالتجاء إلى المحكمة المختصة أصلًا بنظر النزاع للمساعدة في إتمام التشكيل الذي يتولى التفسير، أما إذا وصل الأمر إلى طريق مسدود فلابد من تولي المحكمة المختصة أصلًا بنظر النزاع أمر التفسير.
ويرجع اختصاص القضاء هنا بنظر طلب التفسير إلى أنه الطريق العام لتحقيق العدالة ويجب الرجوع إلى هذا الطريق – القضاء – متى فشلت الطرق الخاصة – كالتحكيم – في تحقيق ما تصبو إليه، فلا يمنع لجوء المتنازعين لطرق خاصة لتحقيق العدالة حرمانهم من اللجوء لقاضيهم الطبيعي متى فشلت تلك الطرق، بالإضافة إلى أن التحكيم لا يحلق منعزلًا ليلحق بتحقيق العدالة، بل أن القضاء يدعمه ويسانده في ذلك من خلال دوره المساعد والمراقب له.