المطلقة
المجتمع دائما يصنف الناس، والمطلقة غالباً يحطونها في خانة "اللي فشلت"، وكأن الطلاق نهاية الحياة! بس الحقيقة؟ الطلاق أحياناً يكون بداية جديدة، بداية وعي، بداية قوة. المطلقة مش شخص ناقص، هي إنسانة قررت تنقذ نفسها من علاقة لا تناسبها. لا تسمحين لأحد يختصرك في لقب، ولا تسمحين لنظرة الناس تحدد قيمتك. انتي أكبر من كلمة، وأقوى من ظرف.
أول أيام بعد الطلاق تكون ثقيلة، تشعرين بالوحدة كأنها جدار لا ينكسر، وكل كلمة من الناس كأنها سهم. بس مع الوقت، تبدأي تسمعي صوتك الداخلي، صوتك اللي كان ساكت من سنين. تبدأي تكتشفي شغفك، طموحك، وحتى ضحكتك اللي نسيتيها. الوحدة مش عدو، الوحدة فرصة تعرفي فيها نفسك من جديد. لا تخافي منها، احتضنيها، لأنها أول خطوة في طريقك الجديد.
فيه ناس تحاول تربط قيمة المطلقة بوجود رجل في حياتها، وكأنها لاتكتمل إلا إذا تزوجت من جديد. بس الحقيقة؟ المطلقة تقدر تبني حياة مستقلة، ناجحة، مليانة إنجازات بدون ما تكون مرتبطة بأحد. الزواج ليس مقياس للسعادة، ولا الطلاق دليل على الفشل. انتي تملكين قرارك، وتملكين مستقبلك، وتقدري تصنعي واقعك بيدك، لا بيد أحد ثاني.
المطلقة تواجه تحديات كثيرة، من نظرات الناس، كلام الأقارب، تعامل بعض الجهات معها وكأنها "حالة خاصة". بس كل تحدي هو فرصة تثبتي فيها قوتك. كل موقف صعب هو درس، وكل كلمة جارحة هي وقود يخليكي تتقدمي. لا تخلي أحد يكسرك، ولا تخلي الظروف توقفك. انتي أقوى من كل شي، بس لازم تؤمني بقوتك اولا
أحياناً المطلقة تشعر إنها لازم تعتذر عن وضعها، وكأنها ارتكبت خطأ. بس الطلاق ليس خطأ، الطلاق قرار. قرار شجاع، قرار واعي، قرار فيه إنقاذ للنفس من علاقة لم تكن صحية. لا تعتذري عن نجاتك، لا تعتذري عن قوتك، ولا تعتذري عن كونك اخترتي نفسك. انتي تستحقين الاحترام، مش الشفقة.
المطلقة مش لازم تعيش في ظل الماضي، ولا لازم تظل تحلل ليه صار الطلاق. أحياناً الأشياء تنتهي لأنها خلصت، لأنها لم تكن مناسبة، لأنها كانت درس وانتهى. لا تعيشي في دوامة "لو"، ولا تربطي نفسك بألم قديم. انطلقي، تطوري، وعيشي الحاضر بكل تفاصيله. الماضي انتهى، والمستقبل ينتظرك.
فيه مطلقات يبدؤون مشاريع، يدرسون من جديد، يربون عيالهم بقوة، ويصيرون مصدر إلهام. لأنهم قرروا أن لا يكونوا ضحية، قرروا يكونوا قصة نجاح. انتي بعد تقدري. لا تنتظري أحد يعطيك إذن، ولا تنتظري الظروف تكون مثالية. ابدئي من اللي عندك، واصنعي فرق. انتي قادرة، بس لازم تبدأي.
المطلقة تحتاج دعم، مش شفقة. تحتاج ناس يؤمنون بها، مش ناس يذكرونها بماضيها. إذا ما لقيتي الدعم من حولك، كوني انتي دعم نفسك. احضني نفسك، شجعي نفسك، وكوني أقرب وحدة لنفسك. لأن أقوى دعم يجي من الداخل، من إيمانك بذاتك، من حبك لنفسك، من احترامك لقرارك.
الناس بتنسى إن المطلقة إنسانة عندها مشاعر، طموحات، أحلام. مش مجرد حالة اجتماعية. انتي لك الحق تحلمي، تحبي، تنجحي، وتعيشي حياة كاملة. لا تسمحي لأحد يحطك في قالب، ولا تسمحي لنظرة المجتمع تحدد مسارك. انتي اللي ترسمي طريقك،
وفي النهاية، المطلقة ما هي نهاية قصة، هي بداية فصل جديد. فصل فيه نضج، فيه وعي، فيه قوة ما كانت موجودة قبل. انتي لست ضحية، انتي ناجية. انتي مش مكسورة، انتي متعافية. انتي ليس لحظة ضعف، انتي لحظة قرار. خذي كل اللي مريتِ بيه، واصنعي منه نور يمشيك لقدّام.
رساله للمجتمع:
المطلقة مش عيب، ولا هي وصمة، ولا هي فشل. كل وحدة لها قصة، لها سبب، لها وجع ما أحد حس بيه. هناك من اكتشفوا إن الحياة بينهم مستحيلة. فيه اللي انظلمت، وانسحرت، وتعبت نفسياً وجسدياً. فيه اللي واجهت عنف من زوجها، جسدي أو لفظي أو حتى جنسي، ولم تجد من يحميها. فيه اللي عاشت سنين في إهمال، لا كلمة طيبة، ولا اهتمام، ولا احترام. فيه اللي كانت تعامل كأنها خادمة، مش شريكة حياة. وكل وحدة منهن اختارت تنقذ نفسها، تنقذ روحها، وتبدأ من جديد. المطلقة ما هي ناقصة، ولا مكسورة، ولا محتاجة شفقة. هي إنسانة قوية، وعاقلة، وشجاعة، قررت توقف الظلم وتعيش بكرامة. غيروا نظرتكم، لأن المطلقة ليست مشكلة، هي حلّ نفسها من مشكلة. احترموها، وقفوا معها، واجعلوا المجتمع أمان لها، مش سيف عليها.

