الوقت ينفد والقرار لإيران... بين التفاوض والانفجار.. لماذا تريد أمريكا وإسرائيل التراجع الآن؟ وهل تنطفئ النيران في طاولة المفاوضات؟

تقرير : عماد أبو اليزيد
في خضم الدخان المتصاعد من الشرق الأوسط، وفي لحظة بدت وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بأقنعة جديدة وأصوات أكثر شراسة، تتسرب إشارات غريبة من بين صمت الصواريخ وممرات الاستخبارات... تصريحات باهتة، تحركات مرتعشة، وملامح تغيرت فجأة على وجوه طالما كانت حازمة لا تتزحزح.
هل نحن على أعتاب هدنة أم على حافة العاصفة الكبرى؟
منذ متى أصبحت إسرائيل تتحدث عن "تهدئة مشروطة"؟ ومنذ متى تصدر من واشنطن نغمة "الحل السياسي هو الطريق الأفضل"؟
هل هو تراجع أم إعادة تموضع؟ هل هي هزيمة مقنّعة أم مجرد استراحة محارب؟
وفي قلب هذه المعادلة المتفجرة، تقف إيران... بثبات يثير التساؤلات. صمتها أكثر ضجيجًا من كل بيانات العواصم.
فهل ستُغلق طهران دفتر النيران وتفتح أبواب التفاوض؟ أم أنها ترى في ذلك كمينًا سياسيًا مموهًا بعبارات السلام؟
أسئلة كثيرة تتصاعد، ولا إجابات واضحة حتى الآن. ولكن ما يجري خلف الكواليس أخطر بكثير مما يُقال على المنصات.
منذ أسابيع، اشتعلت المنطقة بسلسلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، سواء عبر الساحات المباشرة كالجولان وسوريا ولبنان، أو في مساحات الوكالة مثل العراق واليمن والبحر الأحمر. ومع توسع رقعة النار، كانت كل الأطراف توحي بأنها مستعدة لحرب شاملة.
لكن فجأة، بدأت نبرة مختلفة تمامًا تصدر من تل أبيب وواشنطن..
إسرائيل وأمريكا الآن يتراجعون للوراء ويريدون إنهاء الحرب... هل إيران ستقبل بالتفاوض ووقف إطلاق النار؟
التحول في الخطاب الإسرائيلي: تواجه إسرائيل الآن ضغوطًا داخلية خانقة. الاحتجاجات ضد استمرار الحرب تتسع، والتكاليف الاقتصادية تتفاقم، والخسائر العسكرية تتزايد. الجيش الإسرائيلي الذي أعلن استعداده لحرب طويلة بدأ يعاني من الإرهاق، وقياداته تُلمح إلى ضرورة "وقف مؤقت لإعادة التقييم".
أمريكا تغير موقفها: في واشنطن، تتصاعد الأصوات داخل الكونغرس وفي وسائل الإعلام ضد الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع إيران. البيت الأبيض، الذي دعم العمليات الإسرائيلية في البداية، بدأ يضغط من أجل حل دبلوماسي. وحتى البنتاغون بدأ يسحب بعض قواته من نقاط اشتعال محتملة.
لماذا هذا التراجع المفاجئ؟ تقارير استخباراتية غربية كشفت أن إيران قد بلغت مستوى من الجهوزية العسكرية يجعلها قادرة على ضرب قواعد أمريكية وإسرائيلية في وقت قياسي. كما أن التحالفات التي نسجتها طهران بهدوء خلال السنوات الأخيرة - مع الصين، روسيا، وفصائل المقاومة في عدة دول - جعلت المواجهة معها مخاطرة استراتيجية.
موقف إيران: اللافت أن إيران لم ترد فورًا على عروض التهدئة. بل التزمت الصمت، بينما كانت تُكمل مناوراتها العسكرية وتستعرض قدراتها الصاروخية. التصريحات الصادرة من طهران تؤكد أن أي حديث عن التفاوض يجب أن يسبق باعتراف غربي بحقوق إيران السيادية وبوقف كامل للعدوان على حلفائها في المنطقة.
كما أعلنت الخارجية الإيرانية أن "وقف إطلاق النار ليس هدفًا في حد ذاته، بل يجب أن يكون جزءًا من اتفاق شامل يضمن الأمن الإقليمي وتوازن القوى".
الخليج في المنتصف: الدول الخليجية، وخصوصًا السعودية والإمارات وقطر، بدأت تلعب دور الوسيط. الرياض اقترحت مبادرة تهدئة تشمل انسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق وسوريا ولبنان، مقابل التزام إيراني بوقف تسليح الجماعات المسلحة. الدوحة بدورها استضافت محادثات سرية بين دبلوماسيين أمريكيين وإيرانيين.
دور روسيا والصين: روسيا تدفع باتجاه تسوية تُعيد لها دور الوسيط الدولي في الشرق الأوسط، بينما الصين تقترح "نظامًا إقليميًا جديدًا للأمن الجماعي"، يعيد توزيع النفوذ ويقلل من التبعية للقواعد الغربية.
سيناريوهات المستقبل:
1. التفاوض المشروط: تقبل إيران الدخول في مفاوضات بعد ضمانات روسية وصينية، وتبدأ جولة شاقة من التفاهمات.
2. التهدئة المؤقتة: يتفق الجميع على وقف إطلاق نار محدود، ريثما يُعاد ترتيب الأوراق.
3. الانفجار الكبير: ينهار المسار الدبلوماسي بسبب عملية خاطئة أو تصعيد غير محسوب، فتشتعل الحرب على جبهات متعددة.
والآن الساعة تقف على حافة اللحظة الأخطر منذ عقود...
إسرائيل تتراجع، أمريكا تعيد الحسابات، وكل الأعين على إيران.
هل ستُفاجئ طهران العالم وتقبل بالتفاوض؟
أم أن الصمت الذي تلوكه الآن يخفي قرارًا مزلزلًا على وشك أن يُعلن؟
هل نحن أمام نهاية الحرب أم بدايتها الحقيقية؟
هل المنطقة تتجه إلى سلام متوتر أم إلى انفجار لا رجعة فيه؟
ربما لا أحد يعلم الإجابة الآن، لكن المؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستحدد مصير الشرق الأوسط لعقود قادمة.
فكل الحروب تبدأ برصاصة... لكن نهاياتها تُرسم في الغرف المغلقة، على طاولة لم تُفرش بعد.