الجمعة 19 أبريل 2024 09:33 مـ 10 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

”من فقه الأضحية” بقلم أ.د/ محمد مختار جمعة

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "ضَحُّوا فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ عليه السلام"، فالأضحية سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعن السيدة عائشة (رضي الله عنها)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "مَا عَمِلَ آدَمِىٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا"، وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: "ضَحَّى النبيُّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ".

على أن بعض الناس قد يقفون عند قوله (صلى الله عليه وسلم) : "كُلُوا وَأَطْعِمُوا وادَّخِرُوا", وينظرون بما يشبه التقديس إلى أقوال بعض الفقهاء بتقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام: ثلث للفقراء, وثلث للإهداء, وثلث للإنسان وأهله, على أن هذا التقسيم هو عملية تقريبية للتصرف, وكان القصد منه ألا يجور المضحي على نصيب الفقراء, وأن يخصهم ولو بالثلث في أضحيته، فمن زاد زاده الله فضلًا.

كما أن الأمر يختلف باختلاف الأحوال، فلما رأى نبينا (صلى الله عليه وسلم) بالناس فاقة قال لهم: "من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء، فلما كان العام المقبل قالوا : يا رسول الله، نفعل كما فعلنا العام الماضي ؟ قال : كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيهم"، فحيث يكون الرخاء والسعة يكون العمل بقوله (صلى الله عليه وسلم): "كلوا وتصدقوا وادخروا" , وحيث يكون بالناس جهد وحاجة أو شدة وفاقة يكون العمل بقوله (صلى الله عليه وسلم): "من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء".

وكما تتحقق الأضحية بالذبح تتحقق بالصك، فهو نوع من الوكالة أو الإنابة في الأضحية، ولا شك أنه يعظم من نفع الأضحية, وبخاصة لمن لا يملك آلية لتوزيعها على الوجه الأمثل, مما يجعلها تصل عبر منظومة الصكوك إلى مستحقيها الحقيقيين, وهو ما يزيد من نفع الأضحية وثوابها في آن واحد, كما أنه يحقق إيصال الخير إلى مستحقيه بعزة وكرامة وآلية لا تمتهن آدمية الإنسان أو تنال منها.