السبت 20 أبريل 2024 02:43 صـ 11 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

طبيب أم اخصائي .. من يداوي مرض النفس ؟!


بقلم - أميرة عبد الباري
بين النصب وتقديم الدعم .. ما حقيقة جلسات العلاج النفسي لغير المتخصصين والتي إنتشرت في مجتمعاتنا في الأونة الأخيرة مع إختلاف المسميات وكذلك إنطباعات الناس عن عالم الطب النفسي مليئة بالخرافات ، وفقًا لتجارب كل شخص في حياته وإحتكاكه بالعيادات النفسية ، وهناك من يذهب لغير المتخصصين لذا يكون من الصعب عليهم فهم الأمور الصحيحة المتعلقة بهذا المجال ؛ بالإضافة إلي بعض المفاهيم الخاطئة حول بعض من المعطيات المتعلقة بالذهاب إلي طبيب نفسي والبعض إختلط عليه الأمر ؛ فهل يرجع ذلك أحيانا إلي أن لكل مرض نفسي أعراضه الخاصة به والمشكلة في الأمراض النفسية أن أعراضها أحيانا غير واضحة مثل القلق والإكتئاب ؛ وكذلك قلة الوعي لدي الكثير الأمر الذي يصيب البعض بالتشتت وعدم معرفة هل هو بحاجة إلي طبيب نفسي أم يتوجه إلي إخصائي صحة نفسية غير متخصص لإرشاده أو مهنة من لا مهنة له أو أنها موضة تتردد في المجتمعات الراقية ؛ أو أنها أداة للنصب بإسلوب حديث علي البسطاء وأصحاب المشاكل الغارقين الذين يبحثون علي قشة يتعلقون بها ؛ وعلي زاوية أخري يراها البعض الآخر قد تكون نوع من أنواع الدجل الحديث ؛ وبناءً عليه قررنا في هذه المقالة مناقشة بعض المفاهيم لتصل إلينا الصورة الصحيحة للطب النفسي ؛ بالإضافة إلي معرفة إلي من نتوجه لعلها تجد آذان صاغية ..
دعونا أولا نتحدث عن الطبيب النفسي ؛ فهو شخص تخرج من كلية الطب وبعدها تخصص كطبيب نفسي ومن الممكن أن يتخصص في أي مجال دقيق ، وهو الشخص المنوط به القيام بطلب تحاليل أو أشعة معينة من المريض حتي يتسني له التأكد من بعض الأمور أو ينفي بعضها ، وأيضا من الممكن أن يستعين بأطباء آخرين تخصص مختلف إذا شك في شئ معين أو يقوم بتحويل المريض .
و هو من يحدد الخطة العلاجية الدوائية النفسية ، أي دواء نفسي نحتاجه أو خطة علاجية نفسية الطبيب النفسي الوحيد هو من يقوم بصرفها ؛ فهو من يتطلب منه معرفة جميع أنظمة ووظائف الجسم وإتقان مهارات الفحص البدني لوصف العلاج المحدد لكل حالة طبية ؛ اذ يهتم الطبيب النفسي بتشخيص الإضطرابات النفسية والمشاكل السلوكية ويعمل علي علاجها والحد من مضاعفاتها .
و يجري الطبيب مجموعه من الفحوصات و التحاليل و الإختبارات النفسية ليضع يديه علي أصل المشكلة ويحدد ما إذا كانت مشكلة عضوية أم نفسية ؛
فلابد أن يستبعد وجود مشكلة عضوية كقصور وظائف الغدة الدرقية الذي يسبب أعراض مشابهة للإكتئاب وإضطرابات القلق ؛ وكذلك ينظر إلي تاريخك وتاريخ عائلتك المرضي أخذا في اعتباره العامل الوراثي لبعض الإضطرابات النفسية ؛ويستخدم الطبيب العلاج النفسي أو العلاج بالكلام إما بمفرده أو بجانب الأدوية إذا استدعت الحالة.
وذلك علي عكس إخصائي الصحة النفسية أو بعض المصطلحات التي إنتشرت في عصرنا هذا ؛ فهو لا يدرس الطب ولكنه يحصل علي دراسة متخصصة في علم النفس يفضل أن يتبعها بالحصول علي درجة الماجستير والدكتوراه وأحيانا نجد البعض منهم درس تخصص آخر ويدعي أنه معالج نفسي عن طريق النصب ؛
فالأخصائي النفسي لابد أن يحصل علي فترة تدريب كافية وترخيص مزاولة المهنة حتي يتمكن من العلاج ؛ ولكن نجد أن تركيز المعالج النفسي ينصب حول العلاقة بين السلوكيات والأفكار ولا يبحث بشكل أساسي عن الخلل في كيمياء المخ أو الأدوية التي تعالجه أو يقوم بصرف دواء إذ أنه لا يدخل في نطاق عمله ؛
أي أنه يركز علي السلوكيات السلبية كشخص ليس لديه هدف في الحياة يقوم بمساعدته في وضع أهداف وخطة معينة يسير عليها ويتابع معه إلي أن يصل لهدفه ؛ أو شخص ليس لديه ثقة بالنفس أو إحساس بالتقدير الذاتي المنخفض فهي ليست إضطرابات سلوكية كبيرة علي حد قولهم مجرد أعراض وليست امراض ؛
ولكن هنا تحدث المشكلة التي يتضرر منها الأطباء النفسيون فلابد أن لا نتغافل عن أن هذه الاعراض من الممكن أن يكون لها سبب كالإكتئاب مثلا ولا يستطيع المعالج النفسي أن يأخذ ذلك في إعتباره فيقوم بمعالجة العرض كإنعدام الثقة بالنفس علي مستوي العقل وإيحاء المريض أنه تحسن وبعد ذلك يحبط سريعا لأنه لم يعالج الإكتئاب المسبب لها .
أود أن أضيف مثال بسيط للتوضيح ؛ شخص يشتكي من صداع له سبب بالمخ كالضغط مثلا ويقوم المعالج بمعالجة العرض فقط (الصداع) مما يؤدي ذلك الي حدوث مضاعفات كنزيف المخ لأننا لم نتطرق الي السبب الأساسي للمشكله وهذا ما يقوم به المعالج النفسي الغير متخصص ؛ وهناك حالات أخري كثيرة تشبه ذلك تؤدي الي تأخير حالة المريض بطريقة تنم عن عدم إلمام المعالج بكل شئ يخص الطب النفسي لدرجة تصل بنا في النهاية إلي إدراك أن المعالجين النفسيين أو إستشاري الصحة النفسية أو اللايف كوتش هم أشخاص لابد أن يساعدوا داخل منظومة علاجية يفضل أن يبقي فيها طبيب متخصص هو من يقود هذه العملية العلاجية وأن يعي الجميع المفهوم الصحيح للطب النفسي حتي نتدارك الذهاب إلي هؤلاء الأشخاص الغير متخصصين ونقع في خية النصب بإسم العلاج ..
فالطبيب النفسي هو شخص يمكنك التحدث معه عن أي شئ دون الحاجة الي تصفية نفسك خوفا من الحكم عليك ؛ والذي يحفظ أسرار المريض ولا يبوح بها ويساعد علي تجاوز أي مرحلة مؤلمة وتخطي الأزمة النفسية عكس التحدث مع المعالجين الغير متخصصين او الأصدقاء الذين يذكرونا دائما بأخطائنا كل فترة وهذا هو المفهوم الصحيح للطب النفسي عكس ما يفهمه الكثير ممن يروا أنه لا يزال الطريق طويلا حين تتجه لطبيب نفسي ولكني أضيف في ثقة " علي الأقل هناك طريق نسير فيه " .
الأمر الذي يجعل مرحلة الذهاب إلي الطبيب النفسي غير موفقة علي النحو الذي يأمل فيه بعض ممن يتخذون هذه الخطوة ، فالطب النفسي لايزال قائما يتطور وينمو ويحقق نجاحات كل يوم ..