“أوريون فوق الأهرامات”.. جدل فلكي يشعل افتتاح المتحف المصري الكبير بين سحر العلم وصدمة العقيدة الأثرية
في مشهد أبهر العالم وأثار في الوقت ذاته جدلاً واسعًا، ظهرت مجموعة نجوم حزام أوريون في العرض الفلكي المبهر الذي صاحب افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث انعكست الأضواء السماوية فوق أهرامات الجيزة في توافق مدهش مع نسق النجوم الثلاثة للنطاق والنيلام والمنطقة، لتعيد إلى الواجهة نظرية المهندس البلجيكي ذي الأصول المصرية روبرت بوفال، المعروفة باسم “لغز حزام أوريون”.
فبينما اعتبرها البعض لمسة فنية تحتفي بعظمة الحضارة المصرية واتصالها بالكون، رآها آخرون استفزازًا أكاديميًا، إذ أعادت للأذهان واحدة من أكثر النظريات إثارة للجدل في علم المصريات، والتي تقول إن الأهرامات الثلاثة شُيّدت على نسق حزام أوريون، وإن نهر النيل يمثل على الأرض انعكاسًا لمجرة درب التبانة.
تعود القصة إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين لاحظ بوفال التشابه الهندسي بين مواقع الأهرامات الثلاثة في الجيزة ومواقع نجوم أوريون في السماء، ليطرح فرضيته الشهيرة عام 1994 في كتابه “لغز حزام أوريون”، الذي تصدّر قوائم المبيعات في بريطانيا، وحظي بدعم عدد من علماء الآثار والفلك، من بينهم د. إدواردز – رئيس قسم الآثار المصرية بالمتحف البريطاني سابقًا – الذي وصف ملاحظاته بأنها “مقنعة ومثيرة للاهتمام”.
لكن مع ظهور حزام أوريون في عرض افتتاح المتحف، انقسمت الآراء مجددًا:
ففريق من علماء المصريات رأى أن هذه الرمزية تُناقض الفهم الكلاسيكي للأهرامات بوصفها تجسيدًا لعقيدة شمسية تهدف لربط الملك بالإله رع، بينما تؤكد فرضية بوفال على ارتباط عقائدي نجمي بـأوزير وأوريون، ما يستدعي – في حال قبولها – إعادة النظر في آلاف المراجع والنظريات المتعلقة بتسلسل بناء الأهرامات ووظيفتها.
ورغم الجدل، يرى آخرون أن ظهور أوريون فوق الأهرامات لم يكن سوى دعوة رمزية لاستحضار عبقرية المصري القديم في مزج الأرض بالسماء، والعلم بالعقيدة، والهندسة بالروح، ليظل افتتاح المتحف المصري الكبير حدثًا يفتح أبوابًا جديدة للتأمل.. وللنقاش أيضًا.

