بعد خفض الفائدة.. باول يوحد صف الفيدرالي وسط عواصف السياسة والاقتصاد

نجح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول في جمع شمل لجنة منقسمة بشدة من صانعي السياسة لدعم قرار تخفيض أسعار الفائدة، متجاهلاً الضغوط السياسية المكثفة، في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة للمسؤولين المنقسمين بين القلق من ضعف سوق العمل واستمرار التضخم في الولايات المتحدة المرتفع.
جاء الخفض بمقدار ربع نقطة مئوية -وهو الأول في العام الجاري- جاء بعد تباطؤ كبير في نمو الوظائف وضغط غير مسبوق من البيت الأبيض من أجل خفض أكبر في أسعار الفائدة. لكن مع بقاء تأثير الرسوم الجمركية على التضخم في الولايات المتحدة غير واضح، أشار باول أن مسؤولي الفيدرالي سيواجهون خيارات صعبة في الأشهر المقبلة عند النظر في الاستمرار بعملية الخفض.
في سياق متصل
أوضح باول أمس بعد تصويت الأعضاء 11-1 لخفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة إلى ما بين 4% و4.25%: "من الصعب معرفة ما يجب فعله، لم يعد هناك مسارات خالية من المخاطر الآن.
صدر القرار بشبه إجماع، مع معارضة من محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ستيفن ميران فقط، الحليف المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي فضل خفضاً أكبر. دعم محافظا بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كريستوفر والر وميشيل بومان قرار هذا الأسبوع بخفض الفائدة، بعدما كانا قد عارضا في يوليو قرار اللجنة لأنهما فضلا حينها خفض الفائدة.
معارضة وحيدة تظهر أن باول حافظ على وحدة "الفيدرالي" رغم ضغوط ترمب..
جدير بالذكر أن الحصول على هذا القدر من التوافق اعتُبر انتصاراً لباول، الذي يسعى في أشهره الأخيرة كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى صد أكبر تهديد لاستقلالية المؤسسة منذ عقود. لكن التقديرات الجديدة التي صدرت أمس أظهرت أن صانعي السياسة ما زالوا منقسمين بشأن مسار الفائدة.
في الوقت نفسه، أشار أحد صانعي السياسة إلى أن اللجنة كان ينبغي أن تُبقي أسعار الفائدة دون تعديل أمس حتى نهاية العام الجاري. على النقيض تماماً، توقع أحد مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض سعر الفائدة بمقدار 125 نقطة أساس إضافية بحلول ديسمبر المقبل.
التوظيف والتضخم في الولايات المتحدة
قال أديتيا بهافي، كبير خبراء الاقتصاد الأميركيين لدى شركة "بنك أوف أميركا سيكيوريتيز": "الجميع -أو الجميع باستثناء واحد- وافقوا على خفض بـ25 نقطة أساس اليوم، لكن الأصوات المتشددة ستزداد قوة كلما انخفضت أسعار الفائدة، لأن صورة التضخم في الولايات المتحدة لن تتضح قريباً".
الفيدرالي الأميركي أمام مرآة التاريخ.. هل يطلق "المهمة الثالثة"؟
اعترف باول بأن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ستزداد صعوبة. في السابق، منح سوق العمل القوي صانعي السياسة فسحة لمراقبة التضخم في الولايات المتحدة الناجم عن الرسوم الجمركية. لكن مع تباطؤ التوظيف بشكل كبير مؤخراً، تحول التركيز أكثر إلى جانب التوظيف من التفويض المزدوج.
قالت ستيفاني روث، كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "وولف ريسيرش": "القرار أصبح أصعب الآن، لأن جانبي التفويض يتعرضان للتحدي. التحرك بشكل مفرط في أي اتجاه قد يخل كثيراً بالجانب الآخر".
تشويش سياسي
اكتسبت مهمة باول في توحيد صفوف اللجنة بعداً إضافياً بسبب الضغوط السياسية المحيطة بالفيدرالي هذا الأسبوع. فقد أدى ميران اليمين كعضو في مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أمس الأول، بعد أن سُرّع عملية تصويت مجلس الشيوخ على تعيينه، وذلك في الوقت الذي يأخذ فيه إجازة غير مدفوعة من منصبه كرئيس لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض.
أما مشاركة المحافظة ليزا كوك فبقيت غير مضمونة حتى صدور حكم قضائي الإثنين الماضي، في ظل معركتها القانونية للبقاء في منصبها بعد محاولة ترمب عزلها استناداً إلى اتهامات غير مثبتة بالاحتيال العقاري.