أنباء اليوم
السبت 27 يوليو 2024 09:10 صـ 20 محرّم 1446 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

رهف

فتاة من غزة .. قصة قصيرة

بقلم - رضا العزايزة

كتبت الفتاة في بداية قصتها ...

" على قيد الحياة لكنني مت حقاََ منذ زمن"

كتبت رهف كل ما كانت تشعر به على ورق ليكون شاهد على التاريخ والأحداث التى كانت تمر بها ....

في يوم من الأيام كنا سعداء ، ونُحضر لوليمة مع الأهل

ذهبنا أنا وأمى لنتسوق ، إجتمع أبى والاخوة، والأخوات، والأعمام، والجده ،والأطفال في بيت أبي

وكنت أنا و أمى دائماً من يذهب للسوق لنرى ما يلزمنا في البيت ، أحياناً أذهب بمفردي بعد العودة من الجامعة ولكن في هذا اليوم ذهبنا أنا وامي ، وأُخوتى الصغيرة

كنا سعداء بالمولود الجديد لأخي

أخى كان مصور فوتوغرافي ماهر، ويمتاز بخفة الدم رغم الظروف الذى نعيش فيها في القطاع

كان عمل أبي قريب من المنزل، وكنا دائماً عندما ننتهي من الطعام نقوم بالنداء عليه ونجمع العائلة حتى نستأنس ببعضنا البعض ، وأحياناً كثيره كنا نذهب على الشاطىء للإقامة بعض السهرات سوياََ ، لنتحدي الحزن والحصار ، والظروف ، نعرف أن هذا قدرنا الحزن ممزوج بالفرح وأنه... لا مفر من قدر الله ...

لكن دائماً كان الفرح ناقص في قلبى عندما أرى تجمع إخواتى ، وأقوم بعدهم كل مرة مع زيادة العدد من الأحفاد ، واقول في سرى يارب لا تحرمني من هذة الجمع

كما لو أني فى موعد مع الفراق

كنت شخصية محبوبة من اخواتى والأهل والكل يقوم بتدليلى كما لو كنت امهم لست اختهم الصغيره تزوجت أُختان لي، وكان منزلها قريب منا و كنت شديدة الفرح حتى لا نفترق انا واخواتي

كنت أقوم دائماً بالمزاح مع الكل اخواتى وامى وابى والعم والجده واقول لهم.. ‏

‏ ‏ " هيا نفرح لأننا لا نعرف ماذا سيحدث غداً أيها الاموات"

وكانت تنزعج امى من هذا المِزاح وتقول لي لا تقولي مثل هذا الحديث مره أخري.

.تزوجت إحدى صديقاتي ، وسافرت خارج البلاد في دولة أوروبية ، وأخرى في إحدى دول المغرب العربي، أغلب صديقاتي لم يتزوجوا في غزة

وكنت أشعر إنني أيضاً لن اتزوج في غزة مع حبى لها...

... ‏مرت الأيام ، وأنتهت الدراسة في الجامعة وحياتنا كانت تمر مابين الحزن، و الفرح لكن لم نشعر ابداََ باليأس

إعتادنا على الأفراح دون العريس إن كان غريب عن غزة نقوم بعمل الحفلات ونحضر الأوراق مع بعض الأهل لتسافر العروس خارج البلاد

حتى فرحة العمر ناقصة تجلس العروسة فى الحفل دون فارس احلامها لأنه من خارج البلاد .

‏.. قدرنا أن نكون في الصف الأول في الجهاد فلا بأس (الله لا يعطى أقوي معاركه إلا لأفضل جنوده)

في يوم ذهبنا كما قلت لكم سابقا للسوق أنا وأمي وأُخوتي الصغيرة وتأخرنا ليس كثيراً، أثناء العودة وجدنا أصوات صاخبه، وصراخ و الكل يترك السوق ويجرى ...

... أمى وجهها تغير فجأة .....ووضعت يدها على قلبها ولم تستطيع الحراك

بعد فترة ذهبنا لنرى ماذا حدث وجدنا بيتنا روكام سقطت أمي على الأرض ، كنا فى ذهول جميعاً

وجدنا كل من في المنزل تحول لأشلاء....

أبي، واخواتي وجدتي، وكل من في البيت

.. ساد الصمت القاتل الذى كان أبلغ من الكلام ...

تذكرت كل شيء حتى طريقتي الساخرة وأنا اقوم بعدهم كل مرة نأكل سويا ، كانوا يقولون لي ضاحكين...

" لماذا كل مرة نجتمع تقومي بهذا العد هل نحن ماشيه لتعرفي كم رأس فى البيت ستذبح "

" أقول لهم ضاحكة "حتى أعرف كم وجبه تحتاجون "

وأنا أري أهلي كلهم أشلاء حتى الأهه عجزت عن الأه وكانت تئن معي تجمدت المشاعر وسط الأتربة والجحارة والدماء في كل مكان

بقينا أنا وأمي وأختي وأخي الناجى الوحيد من المجزرة فاقد الأيدى والأرجل

...مرت الأيام ... أمي تراعي أخي في صمت ، وحزن شديد ، نسينا الفرح...

خوفاً على أمي كنت أتصنع الفرح ، وأقول لها تقدم لي عريس وسأرحل وأتركك إن لم تضحكى معي

كانت تبتسم ، وتدعوا لي بالنصيب الجيد والفرح

تزوج أخى و فرحت أمي به ، وتقدم لي بالفعل عريس خارج البلاد ، وقلت لأمى لن أُوافق عليه حتى لا أتركك

أمي رفضت أن تكون عقبه في سعادتى ، وفرحت بالأمر وقالت كل شيء قسمه ونصيب ، ولو كان العريس جيد لما لا، وأنها موافقة وسوف تزورنى ، وستقوم بعمل أجمل عُرس لي ، وكفى أحزان هذا قدرنا ولا إعتراض على قضاء الله

تعرفت على شاب مصري وكان حسن الأخلاق، ويحبنى كثيراً وأنا أيضاً أحببته كثيراً ؛ لم رأيت منه من حنان وجدعنه كما يقول المصرين.

كان أخ لصديقة لي على آحد المواقع ، وهى أحبتني وقالت لي أن أخيها يريد الزواج من فتاة من غزة وتعرفنا على بعضنا .

‏وبالفعل تمت الخطبة وأتي إلي غزة وقام بعقد القران ورحل ليحضر أمور الزواج ، فرحت به أمي كثيرا لأنه كان شبه أخى بشكل كبير.

ولم يستطيع المجيء لحفل الزواج ، قمت بعمل الفرح بدونه وأرسلته له ، وحضرت نفسي أنا وأمي لنذهب إلي مصر ، وتم الزواج والحمد لله ، ومرت السنوات وأنجبت ثلاثة أولاد وكنت أسافر كل سنه لأمي أجلس معها شهر أو اكثر وأرجع مرة أخرى

لكن منذ فترة قريبة... حدثت مشاكل في غزة وتوفت صديقة لي وأبنائها كلهم ، وساءت حالتي النفسية

‏ وتذكرت المجزرة لأهلي ، وإسترجعت كل الذكريات لولا مواساة زوجي كنت مت من التعب الآن

‏لا أستطيع الإطمئنان على أهلي وصديقاتي الآن ، ولا حتى بأى وسيلة.

‏ لا أعلم ماذا أفعل غير الدعاء لله أن ينصرنا

‏وإن توفانا الله.... ‏" أن لا نكون من المدبرين "