“من التعثّر إلى الريادة”.. قصة إنقاذ أسمنت التعمير على يد الدكتور سيد حسين: رؤية قيادية أعادت الروح لمصنع استراتيجي
في حوار خاص، كشف الدكتور سيد حسين، رئيس مجلس إدارة شركة صناعات مواد البناء (بيمك) المنتجة لأسمنت التعمير، كواليس رحلة إنقاذ المصنع وإعادته إلى الإنتاج بعد توقف دام ثلاث سنوات، في واحدة من أبرز قصص النجاح الصناعي التي تعكس روح الجمهورية الجديدة في دعم الصناعة الوطنية وتوطين الإنتاج.
قال الدكتور سيد حسين إن توليه المسئولية جاء في “ظروف صعبة للغاية”، حيث كان المصنع مغلقًا، والعمالة الفنية المدربة قد رحلت، ولا توجد سيولة مالية، وكانت المديونيات تتجاوز 2.6 مليار جنيه تشمل مستحقات للبنوك ومصلحة الضرائب وأضاف:
“كانت المهمة أشبه بالفرصة الأخيرة، وكان أول أهدافي استعادة الثقة — ثقة العاملين، والدولة، والقطاع المصرفي. فبدونها لا يمكن تحقيق أي نجاح.”
وأشار إلى أنه أعد خطة خمسية (2022 – 2027) ركّزت على إعادة تشغيل خطوط الإنتاج قبل البحث عن الأرباح، وسداد جزء من المديونيات عبر إعادة التدوير المالي والإنتاجي. وقد نجح في إقناع أحد البنوك بقيادة تحالف مصرفي ضخم لدعم خطة الإنقاذ، بعد الحصول على موافقة البنك المركزي لتوفير تمويل بقيمة 250 مليون جنيه، كانت الشرارة الأولى لعودة المصنع للحياة.
وأكد رئيس الشركة أن الجهة الممولة لم تكتفِ بالدعم المالي فقط، بل تابعت التنفيذ شهريًا، وأرسلت لجانًا دورية لمتابعة الإنتاج، وهو ما ساعد على تحويل الشركة من حالة تعثّر إلى نموذج ناجح في الإدارة والتخطيط.
وعن التحديات، أوضح د. حسين أن الشركة واجهت أزمات متعددة منها جائحة كورونا وتأثيراتها على سلاسل الإمداد، وكذلك تحديات الإصلاح الاقتصادي ونقص الموارد الدولارية، وهو ما تم تجاوزه من خلال التصدير إلى 9 دول إفريقية وتحقيق حصيلة دولارية بلغت 8 إلى 10 ملايين دولار أعادت استقرار الوضع المالي للمصنع.
كما أشار إلى نجاح الشركة في تطبيق نظام الصفقات المتكافئة (المقايضة)، لتوفير الطاقة اللازمة للتشغيل مقابل تصدير الكلينكر والأسمنت، ما ساهم في الوصول إلى 95% من الطاقة الإنتاجية بنهاية عام 2023.
وكشف د. حسين أن مجموعة ITI الإسبانية تشاركت مؤخرًا بنسبة 51.6% من أسهم الشركة، في صفقة تعكس ثقة المستثمرين الأجانب في قوة الاقتصاد المصري وجاذبية قطاع مواد البناء، مشيرًا إلى أن الشركة تستعد الآن لتنفيذ خطة توسعية جديدة تشمل تطبيق معايير بيئية حديثة واستخدام الوقود البديل (RDF).
واختتم حديثه قائلًا:
“إيمان الدولة بقدرتنا على النهوض بالصناعة كان حجر الأساس في النجاح.. طالما هناك رؤية وتنسيق وثقة بين مؤسسات الدولة والمستثمرين، يمكننا أن نصنع المعجزات.”
ويُذكر أن شركة صناعات مواد البناء – بيمك تأسست عام 2008، وبدأت الإنتاج الفعلي عام 2011، وتُعد من الشركات الاستراتيجية في قطاع الأسمنت المصري، حيث يُعد منتج أسمنت التعمير أحد أعمدة صناعة مواد البناء في السوقين المحلي والدولي.


