مقبرة أحمد عرابي في جبانة الإمام الشافعي شاهدة على مجد الثورة العرابية

في قلب جبانة الإمام الشافعي بالقاهرة، ترقد رفات الزعيم الوطني أحمد عرابي، قائد الثورة العرابية، الذي وقف في وجه الخديوي توفيق والاحتلال البريطاني رافعًا شعار الكرامة الوطنية والعدل الاجتماعي. وتأتي ذكرى الثورة العرابية لتعيد إلى الأذهان ليس فقط مسيرة هذا الرجل، بل أيضًا رمزية مقبرته التي باتت جزءًا من ذاكرة مصر الوطنية.
شُيّدت مقبرة أحمد عرابي ضمن الجبانة التاريخية التي تضم بين جنباتها أضرحة علماء وأولياء وقادة ورموز وطنية. وتمثل المقبرة بطرازها البسيط لوحة معمارية متواضعة تعكس شخصية صاحبها؛ إذ بنيت من الحجر على طراز تقليدي، بينما يحمل مدخلها شواهد تذكّر بزمن لم ينطفئ نضاله من الذاكرة.
وعلى الرغم من أن أحمد عرابي، بعد فشل الثورة، نُفي سنوات طويلة إلى جزيرة سيلان (سريلانكا حاليًا)، فإنه عاد إلى مصر في أوائل القرن العشرين ليقضي آخر أيامه بين أهله، ويُدفن في هذه البقعة المقدسة بجوار الإمام الشافعي وكبار الشخصيات المصرية. وهكذا، ارتبطت مقبرته بتاريخ طويل من المقاومة والصمود.
في كل ذكرى للثورة العرابية، يتحول قبر أحمد عرابي إلى محطة تستعيد مصر من خلالها صورة البطل الذي رفع صوته مدويًا أمام قصر عابدين عام 1881 قائلاً: "لقد خلقنا الله أحرارًا ولن نستعبد بعد اليوم". تلك الصرخة التي ما زالت تعيش في وجدان المصريين كرمز للتضحية والفداء.
مقبرة عرابي في الإمام الشافعي ليست مجرد مدفن، بل هي شاهد عيان على مرحلة فاصلة في تاريخ مصر الحديث، ورسالة متجددة للأجيال بأن الوطن لا يُصان إلا بتضحيات أبنائه الأوفياء.