الأمير محمد فاضل باشا الدرمالي حاكم قنا وصاحب ضريح الإمام الشافعي الذي ترك بصمته في مصر العثمانية

يُعد الأمير محمد فاضل باشا الدرمالي واحدًا من أبرز الشخصيات العثمانية التي ارتبط اسمها بمصر في القرن التاسع عشر، إذ ترك أثرًا واضحًا من خلال مناصبه الإدارية وأوقافه وضريحه الكبير في منطقة الإمام الشافعي بالقاهرة. تشير الروايات التاريخية إلى أن الأمير ينحدر من بيت عثماني عريق، فجده هو السلطان أحمد الثالث، السلطان رقم 23 في الدولة العثمانية، من ابنته زينب سلطان. وقد كان اسمه الأصلي محمود آغا، لكنه عُرف بلقب "الدرملي" نسبةً إلى مدينة دراما في شمال اليونان التي تولى حكمها في فترة من حياته. ومع اندلاع الثورة اليونانية وسقوط الحكم العثماني هناك، احتفظ بهذا اللقب الذي صار ملازمًا لاسمه حتى وفاته.
في مصر، برز محمد فاضل باشا الدرمالي كإداري بارز تولى منصب مفتش عام الصعيد، ثم عُيّن حاكمًا لقنا لمدة عشرين عامًا متواصلة، لعب خلالها دورًا مهمًا في تنظيم شؤون المحافظة والإشراف على أعمال البنية التحتية، ويُنسب إليه بناء وتطوير عدد من الموانئ البحرية التي ساهمت في ربط مصر بالعالم الخارجي وتعزيز حركة التجارة. كما ارتبط اسمه بوقف كبير بلغت مساحته نحو خمسين فدانًا، وهو ما يعكس مكانته الاجتماعية والسياسية وحرصه على ترك أثر دائم من أعمال الخير.
أما في القاهرة، فقد شيّد الأمير حوشه وضريحه الكبير في منطقة الإمام الشافعي عام 1868م، وهو بناء ذو طراز عثماني مميّز بزخارفه ونقوشه الفنية. وبعد عامين فقط من اكتمال البناء، توفي الأمير ودُفن في هذا الضريح الذي ظل شاهدًا على مكانته التاريخية وعلى تداخل الهوية العثمانية مع المجتمع المصري. وقد عُثر في أرشيف وزارة الأوقاف المصرية على وثائق رسمية تخص أوقافه ومنشآته، من بينها وثيقة مهمة تحمل رقم 2976، ما يفتح الباب أمام المزيد من البحث الأرشيفي في السجلات المصرية والعثمانية لتقديم صورة أوضح عن مسيرته.
يبقى ضريح الأمير محمد فاضل باشا الدرمالي علامة بارزة من علامات التاريخ المعماري والاجتماعي في مصر، ومرآة لحقبة امتزجت فيها ملامح الدولة العثمانية بالتاريخ المصري الحديث.