السبت 20 أبريل 2024 04:44 صـ 11 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

الحكومة الرقمية مسار لتقدم الدول

 
بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
إن الحكومات تسعى دائماً إلى التنافس الاقتصادي، وترغب في زيادة وجذب العمل التجاري العالمي، ولتحقيق ذلك لابد من كبح التكاليف والمصروفات الذاتية، وذلك للحكومات والمواطنين، وذلك بتقديم مستوى خدمات أفضل، وكلما انتشر استخدام التقنية ازدادت التوقعات والآمال بتقديم خدمات أفضل وبطريقة مريحة أكثر، ومن ذلك تم الاتجاه نحو استخدام الحكومة الرقمية فالحكومة الرقمية تتحقق من خلال ادراك حقيقية ان العالم اليوم ومستجداته اصبح يحكم المجتمع بانه متقدم ويتميز بوجود ثلاثة شروط اساسية وهي المسائلة والشفافية والحكم الصالح ، وهذه تمثل ركائز الحكومة الرقمية. فوَتيِرة التغيير التٌكنولوجي في الاقتصاد الرقمي تٌشكل تحديًا لجميع الحٌكومات والتى بِحاجة لبِنَاء القٌدرات الاستراتيجية لتخطيط وتوجيه وتنفيذ استخدام التقنيات الرقمية، فكٌل صناعة من النفط والغاز إلى الزراعة إلى المواد الكيميائية والمواد تَمٌر بِتحول رقمي. سواء كان ذلك لمواكبة السوق المتغيرة أو تحسين العمليات الداخلية، فإن تتبع وتنفيذ التكنولوجيا الناشئة المناسبة للحكومات ليس بالأمر الهين.
وفى البداية عزيزى القاريء اٌحب أن اٌوضح مفهوم مٌصطلح الحكومة الرقمية، حيث أن الحكومة الرقمية تٌشير إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بِشكل مٌتزايد ، وخاصة الإنترنت، لِخَلق علِاقة شفافة للٌمستخدمين لتحقيق أفضل لوضع الخدمات الحكومية على الإنترنت. فهى نِظام حديث تتبناه الحكومات باستخدام الشبكة العٌنكبوتية العالمية والإنترنت في ربَط مؤسساتها بعضها ببعض، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات الخاصة وجمهور المستخدمين عموما، ووضع المعلومات للوصول للسرعة والدقة التى تهدف للارتقاء بجودة الأداء.
وتهدف الحكومة الرقمية إلى الانتقال من العمل الإداري التقليدي إلى تطبيق تقنيات المعلومات والاتصالات في البناء التنظيمي واستخدام التقنية الحديثة بأشكالها المختلفة، وتسهيل الحصول على البيانات والمعلومات لاتخاذ القرارات المناسبة داخل وخارج هذه الأجهزة وإنجاز أعمالها وتقديم الخدمات للمستفيدين بكفاءة وفاعلية وبأقل تكلفه وبأسرع وقت ممكن.
ويمٌثل مفهوم الحكومة الرقمية استخدام التقنيات الرقمية، كجزء متكامل من استراتيجيات التحديث الحكومية وتحولًا أساسيًا في الطريقة التي تٌتبنى بها الحٌكومات حَول العالم مٌهمتها. من تحديد أهداف إدارية قابلة للقياس إلى تحسين تقديم الخدمات العامة، من اتخاذ قرارات قائمة على البيانات إلى وضع سياسات قائمة على الأدلة، ومن ضمان قدر أكبر من المٌساءلة والشفافية داخل الحكومة إلى بناء ثِقة عامة أكبر، ويجب أن تستفيد الحكومات من قوة تكنولوجيا المعلومات بطرق تحويلية لتحقيق نتائج أفضل.
ونظرًا لأن توفير الخدمات العامة يَعتمد بِشكل مٌتزايد على البيانات، فيمٌكن للحكومات اكتساب فهم دقيق للتغييرات في احتياجات المستخدمين، مما يَسمح بتقديم خدمات جيدة وموجهة للغاية. ولقد أصبح هذا ممكنًا من خلال الأدوات الرقمية التي تٌنشئ قناة اتصال مٌباشرة لكل مٌستخدِم، مما يسمح للحكومات بمعالجة احتياجات كل مٌستخدِم بِشكل فريد، وتطوير الخطط الخاصة للمجتمعات والمناطق، وخلق بيئة عمل افضل باستخدام تقنيات المعلومات والاتصال في المؤسسات وتأسيس بنية تحتية للحكومة الالكترونية تٌساعد على العمل بكل يٌسر وسهولة من خلال تحقيق الانسيابية والتفاعل وتحسين واجهه التواصل بين الحكومة وجهات العمل الاخرى.
فالخدمات المٌقدمة للمٌستخدميِن ستتطور باستمرار وتٌصبح مٌتاحة حسب القيود الفردية، وهٌناك عدد مٌتزايد من السياسات والمبادرات التى تبنتها الحكومات لتصميم وتنفيذ البيانات الحكومية الرقمية. حيث تشير الحكومية الرقمية لإصدار البيانات التي تم جمعها وإنتاجها من قبل المؤسسات العامة أثناء أداء المهام.
ومع زيادة كمية البيانات التي تنٌتجها الحكومات حول قضايا المصلحة العامة في السنوات الأخيرة، والتى لفتت الانتباه إلى ضرورة التحول للحكومة الرقمية، أصبح ثمة مٌتطلبات عَديدة لِبناء الحكومة الرقمية، مِنها المٌتطلبات التقنية والتنظيمية والإدارية والقانونية والبشرية. حيث أن أهم متطلبات الحكومة الرقمية تتلخص في حل المشكلات القائمة في الواقع الحقيقي قبل الانتقال إلى البيئة الرقمية، بتوفير المعلومات اللازمة عبر الإنترنت، ووجود نظام توثيق فاعل يضع كافة وثائق العمل الحكومي في موضعها الصحيح بالوقت المطلوب، وحل المشكلات القانونية المرتبطة بالتبادلات التجارية والتنظيمية التي تتعامل بالنقود ويجب وضعها على الإنترنت مثل إمكانية دفع الفواتير والرسوم الحكومية المختلفة مباشرة عبر الإنترنت، وجعلها متاحه مع المؤسسات الحكومية، وكذلك تلخيص المتطلبات القانونية مثل إعطاء الصيغة القانونية للأعمال الإلكترونية وتحديد النشاطات الإيجابية والسلبية منها والعقوبات المفروضة عليها, تحديد أمن الوثائق ومتطلباته بما يحافظ على سرية العمل الإلكتروني وخصوصيته استخدام التوقيع الإلكتروني والبصمة الإلكترونية والوثائق الإلكترونية وسيلة لإثبات الشخصية وتسهيل المعاملات، مع المراجعة المستمرة لهذه القوانين بصورة دورية.
ويجب استخدام بعض الوسائل الأمنية الرقمية مثل البطاقة الذكية لإثبات هوية المواطن ونظم حماية المعلوماتية الوقائية والعلاجية، والسعي لإيجاد المجتمع المعلوماتي ونشر الثقافة الرقمية بين أطراف المجتمع، وإدخال التقنيات الالكترونية ضمن المناهج الدراسية ودعم الدراسات والبحوث المعلوماتية وتأهيل وتدريب الكفاءات البشرية وتدريبها، والاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة لنشر هذا المفهوم ونشر برنامج الاتصال الجماهيري الذي يروج للحكومة الرقمية، وتوفير البنى والاستراتيجيات المناسبة الكفيلة ببناء المجتمعات الرقمية، فبناء المجتمعات يتطلب إنشاء وسيط تفاعلي على الإنترنت يقوم بتفعيل التواصل بين المؤسسات الحكومية وبين المواطنين، بحيث يتم توفير المعلومات بشكل مباشر عن حالة أية عملية تجارية تم تأديتها في وقت سابق إضافة إلى استخدام مؤتمرات الفيديو لتسهيل الاتصال بين المواطن والموظف الحكومي.
ومع ذلك، يمكن أن يؤدي الاستخدام غير المتسق وغير المنسق للتقنيات إلى استخدام غير فعال للموارد، وازدواجية الجهود والمنصات، وعدم قابلية التشغيل البيني للحكومة لنظم المعلومات والبيانات، وبالتالي ضعف أداء القطاع العام، بالفجوة الرقمية، وعدم الملاءمة لاحتياجات المستخدمين، ونقص مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في القطاع العام تقلل إجراءات الخصوصية والأمان، أو قدرة المواطنين على استخدام القنوات عبر الإنترنت للتفاعل مع السلطات العامة.
وتحتاج الحكومات إلى التغلب على مثل هذه العقبات لتحقيق كامل فوائد النطاق العريض والحكومة الرقمية، فيمكن للتقنيات الرقمية تحسين الكشف عن المعلومات والوصول إلى القطاع العام وتحسين المشاركة العامة وتحسين الاستراتيجيات اللازمة لزيادة القدرات على استخدام البيانات بكفاءة أكبر ولتغطية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لا ينبغي التعامل معها بشكل منفصل.
ولا زالت الرؤى الحالية فى التحويل للحكومة الرقمية لا تخضع لاستراتيجية محددة، بل تسير فى الغالب على تحويل تدريجى عشوائى يٌركز على محور دون الآخر، فيجب الاهتمام بالحاسبات الإلكترونية وتحديد متوازى للبرامجيات المناسبة لها سواء البرامجيات الجاهزة أو المصممة، والاهتمام بالشبكات الدولية للمعلومات والشبكات المحلية والإقليمية، والاهتمام بإنشاء قاعدة بيانات لكل محور تنظيمى كالعاملين والمستفيدين والمنافسين والمديرين والموردين والموزعين ، وإنشاء نظم معلومات متكاملة للأنشطة الوظائفية والمستويات التنظيمية المختلفة، فتطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات يجب أن تكون منافعها في جميع جوانب الحياة، وأن يكون الهدف من استعمال تلك التكنولوجيا ونشرها هو تحقيق فوائد في كل جوانب حياتنا اليومية من خدمات حكومية ورعاية صحية ومعلومات صحية وتعليمية وحماية البيئة وتوفير فٌرص العمل ومنع الكوارث ... وغير ذلك، حيث يمٌكن أن يٌساعد تحسين استخدام القطاع العام للنطاق العريض وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في زيادة الخدمات العامة ويٌحقق فاعلية وسرعة الاستجابة ويعزز التفاعل بين المواطنين والشركات.
فالحكومة الرقمية لا تؤدي إلى تحقيق التنمية الإقتصادية بين يوم وليلة، أو توفير الأعباء فى الميزانية ورفع كفاءة أداء الأعمال الحكوميـة بشـكل سحري. فهي ليست المعجزة التى ستغير شكل الحكومة بطريقة فورية لتصـبح ذات كفأة عالية، بل هي عملية تطويرية يكتنفها دائمـاً أشـكال مـن التحديات المختلفة والعزيمة للوصول لمصاف الدول المتقدمة. وللحديث بقية،،