أنباء اليوم
 أنباء اليوم

الحفاظ علي نقوش الشواهد والتركيبات الجنائزية في الخالدين

صورة توضيحية
تامر المنشاوي -


في صمتٍ يليق بجلال المكان، يعمل المرممون المصريون على حماية ذاكرة الوطن المنقوشة في الحجر، حيث تلعب الخبرة العلمية والحس الفني دورًا محوريًا في صون الشواهد والتركيبات الجنائزية ذات القيمة التاريخية والجمالية. ويأتي في مقدمة هذه الجهود المهندس أحمد فتحي، رئيس شركة إبداع، بالتعاون مع فريق من المرممين المتخصصين، من بينهم أحمد البحيري وأبناء الترميم المتخصصون، الذين قدموا نموذجًا يُحتذى به في أعمال الترميم الدقيق والواعي.
اعتمدت أعمال الترميم على منهج علمي يحترم أصالة الأثر، بدءًا من التوثيق الفوتوغرافي والرسم المعماري، مرورًا بدراسة الخامات الأصلية، وصولًا إلى التدخلات المحافظة غير الجائرة. وقد تجلت هذه المنهجية بوضوح في ترميم عدد من الشواهد والتركيبات المهمة، من بينها تركيبة أمير الشعراء أحمد شوقي، التي تتميز بزخارفها الكلاسيكية ونقوشها الخطية الرفيعة، حيث جرى تنظيفها ومعالجة مظاهر التلف مع الحفاظ الكامل على روحها التاريخية.
كما شملت الأعمال تركيبة كلزار هانم بما تحمله من عناصر زخرفية دقيقة تعكس ذوق عصرها، وشاهد حسين باشا الذي يمثل نموذجًا للعمارة الجنائزية الراقية في أواخر القرن التاسع عشر، إضافة إلى زهرة فاضل ذات التفاصيل النباتية الرقيقة، وإسماعيل باشا سليم الذي يجمع بين الوقار المعماري والبساطة التعبيرية. وقد أولى فريق الترميم اهتمامًا خاصًا بالعناصر الفنية، مثل الخطوط العربية، والزخارف النباتية والهندسية، ومعالجة الأحجار والأحبار الأصلية دون طمس أو إضافة دخيلة.
ويُحسب لهذه الجهود أنها لم تقتصر على الإصلاح الشكلي، بل سعت إلى إعادة قراءة الشواهد بوصفها وثائق تاريخية وفنية تعبّر عن شخصيات تركت بصمتها في تاريخ مصر الحديث. ويعكس هذا العمل تكاملًا حقيقيًا بين الخبرة الهندسية لشركة إبداع والمهارة الحرفية للمرممين المصريين، في نموذج يؤكد قدرتهم على حماية التراث الوطني بأدوات العلم والوعي.
إن ما تحقق في هذه الشواهد والتركيبات ليس مجرد ترميم أحجار، بل هو حفاظ على الذاكرة والهوية، ورسالة واضحة بأن التراث حين يجد من يصونه بإخلاص، يظل خالدًا عبر العصور.