العلم والإنسانية شهادة حق

بقلم - راندا عطوان
في يوم الخميس الموافق 18/12/2025، تمت الموافقة على منحي درجة الماجستير في المحاسبة من كلية التجارة – جامعة المنصورة. وكانت سعادتي بالغة لا توصف، ليس فقط لنيل درجة علمية طالما حلمت بها منذ الصغر، بل لأن هذا الحلم تحقق بعد انقطاع عن البحث العلمي دام قرابة ثلاثين عامًا.
وبعد أن تجاوزت الخمسين من العمر، قررت العودة إلى البحث العلمي، متحدية الزمن والظروف. غير أن سعادتي الحقيقية لم تكن بالدرجة وحدها، بل بما اكتشفته من أن «الدنيا ما زالت بخير»، وأن في مؤسساتنا الأكاديمية نماذج إنسانية تستحق التقدير، وربما أن تصنع لها تماثيل في الميادين.
آثرت ألا أكتب عن هؤلاء الأفاضل إلا بعد إتمام المنح، حتى يكون كلامي شهادة خالصة لوجه الله، لا يشوبها نفاق أو رياء. أول هؤلاء: الأستاذة الدكتورة مروة حسن حسان أستاذ المحاسبة المالية بجامعة المنصورة، وعضو مجلس النواب. فلم أرَ في حياتي من يجمع بين هذا القدر من الحنان والتواضع والقوة العلمية. طيبة لو وُزعت على الأرض لكفتها، ومع ذلك فهي نموذج صارم في العلم، رصين في المنهج، ملهم في العطاء.
وثانيهما: الأستاذة الدكتورة/ ليلى محروس، أستاذ المحاسبة المساعد بكلية التجارة – جامعة طنطا، قمة في التواضع الأكاديمي، تحرص على ألا تُجهد الباحث، وتناقش بعلم وأمانة ورفق، فتجمع بين عمق المعرفة ونبل الخلق. أما الثالث فهو الدكتور/ مصطفى ابراهيم الفقى ، أستاذ المحاسبة المساعد بكلية التجارة – جامعة المنصورة، ومدير مركز تسويق الخدمات التسويقية والجامعية بالجامعة. قارئ دقيق للرسالة من اول كلمة لأخر كلمة ومع ذلك يقدم ملاحظاته بابتسامة هادئة، وفي أجواء من الحنية والاحترام، فيثبت أن الجدية العلمية لا تتناقض مع الإنسانية. لا أعرف كيف اعبر عن شكري لهم، لكني أدعو الله أن يجزيهم عني خير الجزاء. لقد دعموني أمام أبنائي، وأمام معارفي، وكانت ملاحظاتهم العلمية فارقة بحق. والأهم أنهم وضعوا معًا مبدأ ينبغي أن يحتذى به في الكادر الجامعي. فليس ضروريا أن تكون عنيفا لتكون قويا ومتمكنًا، ولا أن تتجرد من الحنية لتوصل العلم. بل إن الرحمة والاحترام قد يكونان أصدق وسائل التعليم.
إنهم نموذج مشرف للأستاذ الجامعي، وأتمنى أن يمد الله في أعمارهم، لنظل نحن ومن يأتون بعدنا ننهل من علمهم، ونتعلم من أخلاقهم قبل كتبهم. وأخيرا لا املك الا قول شكرا لكم من كل قلبى .

