إنقاذ تركيبات مدفن سليم باشا السلحدار .. صون ذاكرة الدولة المصرية الحديثة في جبانة الإمام الشافعي

إنقاذ تركيبات مدفن سليم باشا السلحدار خطوة مهمة لحماية ذاكرة الدولة المصرية الحديثة، وذلك في إطار الجهود المستمرة للحفاظ على التراث التاريخي والمعماري لجبانة الإمام الشافعي، حيث جرى إنقاذ تركيبات مدفن سليم باشا السلحدار، أحد أبرز رجالات الدولة المصرية في القرن التاسع عشر، وأحد أعمدة الإدارة العسكرية والمدنية في عصر محمد علي باشا. ويُعد هذا المدفن شاهدًا فريدًا على مرحلة تأسيس الدولة المصرية الحديثة، إذ يضم رفات شخصية لعبت أدوارًا محورية في إدارة شؤون البلاد، وتولّت مناصب رفيعة شملت قيادة السلاحدارية، وحكم مصر العليا والوسطى، ورئاسة المجلس العسكري، ووزارة الحقانية، ثم وزارة المالية، ما يمنحه قيمة تاريخية وسياسية خاصة.
وفي هذا السياق، قام الأستاذ عمرو الهلباوي، حفيد إبراهيم بك الهلباوي، بالتواصل مع الجهات المعنية، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على تركيبات المدفن من الضياع أو التلف، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية والتراث الجنائزي المصري في القرن التاسع عشر. وقد أسفرت هذه الجهود عن الحفاظ على التركيبات التاريخية، تمهيدًا لنقلها وعرضها في أحد المتاحف، بما يضمن صونها وإتاحتها للباحثين والجمهور.
أكدت الباحثة في مجال التراث سلمى أحمد أن إنقاذ تركيبات مدفن سليم باشا السلحدار يعكس أهمية الوعي المجتمعي بدور التراث الجنائزي، مشيرة إلى أن هذه التركيبات ليست مجرد عناصر معمارية، بل سجل بصري وثقافي يحمل ملامح الذوق الفني والرمزية الاجتماعية لنخبة القرن التاسع عشر، وشددت على ضرورة توثيقها علميًا بالتصوير والرسم والتسجيل الوصفي، لضمان حفظها للأجيال القادمة.
أشار الباحث الأثري تامر المنشاوي أن مدفن سليم باشا السلحدار يمثل قيمة تاريخية استثنائية، ليس فقط من الناحية المعمارية، بل من حيث الدلالة السياسية والإدارية لصاحبه، موضحًا أن تركيبات المدفن تُعد وثيقة حجرية نادرة تعكس مكانة أحد أهم رجال محمد علي باشا، وأن إنقاذها يمثل حفاظًا على فصل بالغ الأهمية من تاريخ نشأة الدولة المصرية الحديثة. وأضاف أن الحفاظ على هذه التركيبات يأتي ضمن رؤية أشمل لحماية مقابر الرموز الوطنية بجبانة الإمام الشافعي، باعتبارها متحفًا مفتوحًا يحكي تاريخ مصر الحديث عبر شواهدها ومدافنها.
ويقع مدفن سليم باشا السلحدار على مقربة من مدفن محمد علي باشا، في دلالة رمزية على العلاقة الوثيقة التي جمعتهما، وهو ما يمنح الموقع أهمية تاريخية مضاعفة. وتأتي عملية إنقاذ التركيبات في سياق أوسع لحماية جبانة الإمام الشافعي، التي تضم مدافن عدد كبير من الرموز السياسية والدينية والفكرية والفنية، وتمثل سجلًا حيًا لتاريخ مصر الحديث، حيث يؤكد القائمون على هذه الجهود أن الحفاظ على مثل هذه التركيبات هو حفاظ على الهوية والذاكرة الجمعية، وعلى حق الأجيال القادمة في معرفة تاريخها من مصادره الأصلية.




