أنباء اليوم
 أنباء اليوم

الانتحار ليس حل للمشاكل

أحمد حسن -

يُعتبر الانتحار مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم. يمكن أن يحدث التفكير في الانتحار عندما يشعر الشخص أنه لم يعد قادرًا على التعامل مع موقف ضاغط. قد ينتج هذا من المعاناة من مرض نفسي حاد مثل الاكتئاب، أو المشاكل المالية، أو وفاة شخص عزيز، أو انتهاء علاقة عاطفيه، أو مرض أو حالة صحية مجهدة.

ويُعد الانتحار من القضايا الصحية والنفسية الخطيرة التي تؤثر على الأفراد والأسر والمجتمعات إن الحديث عن هذا الموضوع بشكل مسؤول يساهم في كسر حاجز الصمت وتقديم المساعدة لمن يحتاجها.

هل يمكن أن تتوقف الأفكار الانتحارية؟

التفكير في الانتحار هو أحد أعراض مشكلة مرضية كامنة. يمكن أن تساعد الأدوية والعلاجات النفسية على العلاج من المرض المسبب. يجب على أي شخص يعاني من مشاكل نفسية أن يحاول الوصول للعلاج في أسرع وقت ممكن. بمجرد بدء العلاج ، من المهم اتباع خطة العلاج وحضور مواعيد المتابعة وأخذ الأدوية كما يوجه الطبيب المعالج.

أسباب وعوامل خطر

تتعدد العوامل التي قد تدفع الشخص إلى التفكير في الانتحار، منها الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، والضغوط الاجتماعية أو الاقتصادية، والتجارب الصادمة، وتعاطي المخدرات وغياب الوازع الديني والأخلاقي.غالبًا ما يكون هناك تداخل بين هذه العوامل، مما يزيد من خطورة الحالة.

علامات تحذيرية

من المهم الانتباه إلى التغيرات السلوكية أو العاطفية التي قد تشير إلى وجود أزمة، مثل الانسحاب من الأنشطة المعتادة، الحديث عن الموت أو عدم وجود أمل في المستقبل، وإعطاء الودائع أو تنظيم الأمور الشخصية بشكل غير مسبوق.

طرق تقديم المساعدة

إذا كنت تعرف شخصًا معرضً لخطر فوري بإيذاء نفسه أو الانتحار أو إيذاء شخص آخر:

  • اطرح السؤال المباشر: "هل تفكر في الانتحار؟"
  • استمع إلى الشخص دون حكم.
  • اتصل برقم الطوارئ المحلي أو الخط الساخن للمساعدة في الانتحار.
  • ابق مع الشخص حتى وصول المساعدة المتخصصة.
  • حاول إزالة أي أسلحة أو أدوية أو غيرها من الأشياء التي يحتمل أن تكون مميتة.

-كيف حرصت الشريعة الإسلامية على صيانة النفس البشرية؟

  • لقد خلق الله الإنسان، وشرع له كل ما يضمن سلامته والإبقاء على حياته من مأكل ومشرب وغيره، بل أباح له المحرمات حال الخوف على هلاكه، فقال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة البقرة، 173] وجعل من امتنع عن تناولها عند الضرورة فمات دخل النار؛ لأنه أعان على نفسه [السيوطي، الدر المنثور في التفسير المأثور، ص308]. كما نهى الإسلام حتى عن مجرد تمني الموت لضر أصاب المرء أو بلاء نزل به؛ لأن هذا يُعد يأسًا من رحمة الله، فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلًا، فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي".

    كما أمر الإنسان بالحفاظ على صحته النفسية والجسدية، فإذا حلَّ مرض أو وباء بأرض لا يصح له أن يدخلها، وإذا مرض ولم يجد تداويًا إلا بمحرم حلَّ له، وقد أفتى الأزهر الشريف بأن الخنزير رغم نجاسته، يجوز التداوي بجزء من أجزائه، بشرط أن تدعو الضرورة إلى ذلك، وألا يوجد ما يقوم مقامه من الطاهرات. وقد حدث في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن الصحابة كانوا يأخذون بالرخصة خوفًا على أنفسهم، كالصحابي الجليل عمرو بن العاص الذي تيمم عندما اشتد البرد وكان واجبًا عليه الغسل، وعندما سأله النبي، أخبره بخوفه على نفسه، وقال: "إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا [ابن القيم، زاد المعاد، ج3، ص342]. فالإنسان جُبل على حب نفسه وعلى رغبته في استمرار وجوده وحياته، وهذا ما جعل حتى تفوهه بكلمة الكفر لدفع الخطر عن نفسه لا يخرجه من الملة، كما فعل الصحابي الجليل "عمار بن ياسر" الذي خشي على نفسه، فكفر بلسانه مكرهًا غير طائع، ولم يغضب منه النبي، بل قال له: "إِنْ عَادُوا فَعُدْ"، وقال تعالى فيه: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل، 106].

دور المجتمع

تعزيز الوعي حول الصحة النفسية، وتوفير بيئة آمنة ومحفزة للبحث عن المساعدة، كلها خطوات مهمة للحد من حالات الانتحار. يجب أن يشعر كل فرد بأنه ليس وحده وأن هناك من يهتم به.

قال الله تعالى:﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾، فالنفس ملك لله، والحياة وهبها الله للإنسان، فليس له أن يستعجل الموت بإزهاق الروح

إذا كنت أو تعرف شخصًا يعاني من أفكار انتحارية، لا تتردد في طلب المساعدة فورًا. الحياة تستحق أن تُعاش، وهناك دائمًا فرصة للتغيير والشفاء.