123 عامًا من الإبهار المتحف المصري بالتحرير حارس أعظم كنوز العالم

يحتفل المتحف المصري بالقاهرة اليوم السبت، الموافق الخامس عشر من نوفمبر، بالذكرى السنوية الـ123 لافتتاحه، الذي يعود تاريخ تدشينه إلى عام 1902.
يُعد المتحف صرحًا تاريخيًا فارقًا، فهو أول متحف قومي في الشرق الأوسط، وأول مبنى تم تصميمه وإنشاؤه خصيصًا لحفظ وعرض الآثار المصرية. يقع المبنى ذو الطراز الكلاسيكي المهيب في قلب العاصمة، بالقرب من ميدان التحرير، وقد صُمم ليعكس عظمة الحضارة المصرية وروعتها الفنية.
تبدأ قصة المتحف من جهود عالم المصريات الفرنسي أوجست مارييت، الذي اقترح إنشاء مكان دائم لحفظ القطع الأثرية، حتى أقر الخديوي إسماعيل المشروع عام 1863. وانتقل المتحف عبر عدة مواقع، بداية من بولاق، ثم إلى قصر إسماعيل باشا بالجيزة، قبل أن يستقر في مقره الحالي بالتحرير، حيث أصبح رمزًا للتراث المصري ومقصدًا للزوار من مختلف أنحاء العالم.
على مدار مسيرته الطويلة، اضطلع المتحف بدور أساسي كـحارس لذاكرة الحضارة المصرية الممتدة لأكثر من سبعة آلاف عام. يضم حاليًا ما يقرب من 120,000 قطعة أثرية فريدة، تشمل مجموعات لا تُقدر بثمن تغطي معظم مراحل الحضارة المصرية القديمة. ومن بين أبرز هذه المجموعات: كنوز الملك الفضي بسوسنس الأول، وكنوز مقابر تانيس، ومجموعة مقبرة يويا وثويا، ومقتنيات تل العمارنة، إلى جانب العديد من المجموعات الأثرية الهامة والفريدة، مما يجعل المتحف مرجعًا عالميًا لا يُضاهى للتاريخ القديم.
أشرف عالم الآثار جاستون ماسبيرو على نقل وعرض القطع الأثرية، بينما صمّم النحات فرديناند فيفر التمثالين الكبيرين عند الباب الرئيسي، رمزيًا لمصر العليا ومصر السفلى. هذه التفاصيل تضيف بعدًا فنيًا ومعنويًا للمتحف، مما يعكس اهتمامًا بالغًا بتكريم التاريخ والفن المصريين.
تأكيدًا على الدور الجوهري لهذا الصرح التاريخي، قدمت وزارة السياحة والآثار دعمها الكامل لتطوير المتحف المصري بالتحرير، ضمن مشروع شامل يهدف إلى تعزيز مكانته كمركز عالمي للإشعاع الثقافي والبحث العلمي. ويشمل المشروع تطوير العرض المتحفي، الأرشفة الرقمية، الخدمات التعليمية والتربوية، بالإضافة إلى التعاون مع متاحف دولية كبرى مثل متحف اللوفر والمتحف البريطاني ومتحف برلين لتبادل الخبرات وتعزيز البحث العلمي.
يبقى المتحف المصري شاهدًا حيًا على تاريخ مصر العريق وموطنًا لكنوزها الخالدة، محتفظًا بمكانته المرموقة على مدار 123 عامًا من العطاء والحفاظ على التراث، ليظل وجهة رئيسية للباحثين والزوار ومحبي الحضارة المصرية.

