أنباء اليوم
 أنباء اليوم

تمثال الملك رمسيس الثاني في تورينو تحفة فنّية وسياسية من مصر القديمة

صورة توضيحية
تامر المنشاوي -


يحظى تمثال الملك رمسيس الثاني في متحف تورينو بإيطاليا بشهرة عالمية ويُعد مفخرة المتحف، فهو يصور الفرعون الأشهر الذي حكم مصر لأطول فترة في تاريخها. يظهر الملك في التمثال مرتديًا التاج الأزرق المعروف بخوذة الحرب والاحتفالات، ممسكًا بصولجان "الحقا" رمز السلطة والسيادة، كما يبرز التمثال تغيّر الأسلوب الفني مقارنة بالصور الملكية التقليدية، إذ ارتدى الملك لباسًا طويلاً غير متماثل على شكل جرس ضخم يغطي جسده بالكامل، مع صندل على قدميه، وهو تصوير يتوافق مع فترة ما بعد العمارنة التي اتسمت بالواقعية والتعبير عن حرية الحركة كما في أرض المعركة. ويلاحظ في التمثال تأثير أسلوب واقعية العمارنة في تجويف العينين، وجود الجفنين، وأنف كبير، وفم صغير نسبيًا، وذقن مدلاة، في حين تُحافظ بعض ملامح العصر التقليدية على شكل الحاجبين والخطوط التجميلية.

على قاعدة التمثال، تم نحت الأقواس التسعة التي تمثل القبائل الأجنبية، مع تصوير سجينين من الآسيويين والنوبين، في إشارة واضحة إلى هيمنة الملك المطلقة على مصر والأراضي الأجنبية. وعلى جانبي ساقي الملك، تم تصوير شكلين صغيرين للملكة نفرتاري لإظهار أهميتها النسبية، وقد ورد في النقش المكتوب أنها "محبوبة طيبة موت"، بينما يظهر ابنه حاملًا المروحة على الجانب الأيمن للملك، بما يعكس تقدير الأسرة الملكية ودورها داخل الحكم.
ويُعد مثالاً فريدًا على براعة النحت المصري القديم وقدرته على دمج الفن والسياسة والدين في تحفة واحدة. ومن خلال التمثال، يمكن للزائر اليوم رؤية مزيج القوة والهيبة والواقعية الفنية، ويشعر بعظمة رمسيس الثاني الذي جمع بين القيادة العسكرية والسيادة الدينية والفن المتقن، لتظل صورته شاهدة على عظمة مصر القديمة وأثره الممتد عبر القرون.