أنباء اليوم
 أنباء اليوم

الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير الأول من نوفمبر 2025

تامر المنشاوي -

في الأول من نوفمبر 2025، دوّى اسم مصر في كل أنحاء العالم مع الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، أكبر متحف أثري في التاريخ الحديث، والذي يقف شامخًا على مقربة من أهرامات الجيزة ليجمع بين عبقرية الماضي وروعة الحاضر.

وسيكون المشهد مهيبًا منذ اللحظة الأولى؛ الأضواء تتلألأ على واجهة المتحف الزجاجية، وأمامها تتلألأ المسلة المعلقة الفريدة من نوعها، التي تُعد أول مسلة في العالم تُعرض بهذه الطريقة الهندسية البديعة، حيث يسير الزائر أسفلها ليرى النقوش والرموز الملكية محفورة في قلب الحجر، كأن الزمن توقف لحظةً احترامًا لعظمة الفراعنة.

وعند الدخول، يجد الزائر نفسه في حضرة المجد على الدرج العظيم، حيث تصطف التماثيل الملكية والآثار الضخمة في مشهد يأسر الأبصار. يتصدرها تمثال رمسيس الثاني بوقاره المهيب، وكذلك يوجد تماثيل ملكية علي الدرج العظيم ومنها الملك سنوسرت الأول و الملكة حتشبسوت والملك اخناتون وعرض مجموعة مقبرة الملكة حتب حرس التي تمثل روعة الفن الأنثوي في الدولة القديمة، والإله حابي رب النيل، الذي يعانق تيار الحياة في مصر منذ آلاف السنين. كل قطعة تحكي قصة، وكل تمثال يروي جانبًا من عبقرية المصري القديم.

ومن أبرز الكنوز التي تستقبل الزوار أيضًا عمود مرنبتاح المهيب، الذي نُقل بعناية فائقة ليعرض ضمن مجموعة الدولة الحديثة. النقوش على العمود تروي بطولات الملك في حروبه وإنجازاته.

ثم تأتي قاعة الملك توت عنخ آمون لتتوج الزيارة، حيث تُعرض المجموعة الذهبية الكاملة للملك الشاب لأول مرة في التاريخ داخل مكان واحد. أكثر من خمسة آلاف قطعة تروي تفاصيل حياة وموت الملك، من قناعه الذهبي الشهير إلى عرباته الحربية ومجوهراته الدقيقة وأثاثه الملكي، وكل ذلك ضمن عرض متحفي متطور يستخدم أحدث تقنيات الإضاءة والواقع الافتراضي.

ولا يمكن أن يمر الزائر دون التوقف أمام مركب الملك خوفو الثانية، التي جرى نقلها من موقعها بجوار الهرم الأكبر في واحدة من أعقد عمليات النقل في التاريخ. واليوم تُعرض في قاعة خاصة بتقنيات عرض ثلاثية الأبعاد تكشف أدق تفاصيل تصميمها الخشبي العجيب، الذي صمد لأكثر من 4500 عام.

في أروقة المتحف أيضًا، تمتد قاعات العصور التاريخية التي تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن، من فجر التاريخ إلى نهاية العصور الفرعونية، مرورًا بعصور المجد الملكي والفن الراقي، مدعومة بشاشات تفاعلية تشرح السياق التاريخي لكل قطعة.

أما مركز الترميم العالمي الملحق بالمتحف، فيُعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، ويمثل نموذجًا فريدًا لتعاون العلماء المصريين مع خبراء العالم في الحفاظ على التراث الإنساني.

اليوم، ومع هذا الافتتاح التاريخي، تفتح مصر صفحة جديدة في سجلها العريق، لتقول للعالم إن الحضارة لا تُعرض في قاعات فقط، بل تُروى من قلب الأرض التي صنعت التاريخ.

المتحف المصري الكبير من رمسيس إلى حابي، ومن مرنبتاح إلى توت عنخ آمون هو هدية مصر إلى الإنسانية، وشاهد خالد على أن روح الفراعنة لا تزال تنبض في أرض الكنانة.