أنباء اليوم
 أنباء اليوم

تماثيل الدرج العظيم بالمتحف المصري الكبير رحلة مهيبة لملوك مصر القديمة

تامر المنشاوي -

في قلب المتحف المصري الكبير، يقف “الدرج العظيم” شامخًا كتحفة معمارية وممر تاريخي يأخذ الزائر في رحلة بصرية وزمنية عبر آلاف السنين من الحضارة المصرية. يمتد الدرج على مساحة هائلة تربط بين قاعات العرض، ويُعد بمثابة القلب النابض للمتحف، حيث تتراص على جانبيه عشرات التماثيل الضخمة التي تمثل ملوكًا وآلهة وأعمدة ومسلات من عصور مختلفة، في مشهد يأسر الأبصار منذ اللحظة الأولى.

يضم الدرج العظيم أكثر من سبعين قطعة أثرية من أندر وأجمل ما أنتجته الحضارة المصرية، تبدأ من الدولة القديمة وصولًا إلى العصور اليونانية والرومانية، في عرض متدرج يروي حكاية تطور الفن والسلطة والدين عند المصريين القدماء. تبدأ الرحلة من أسفل الدرج بتماثيل الملوك العظام مثل سنوسرت الأول وأمنحتب الثالث وحتشبسوت، وتستمر نحو الأعلى حيث تتجلى المعبودات والرموز الدينية التي مثلت الركائز الروحية للدولة المصرية القديمة.

تُعرض التماثيل بطريقة مدروسة تُبرز العلاقة بين الملك والإله، وبين الإنسان وفكرة الخلود. فهناك ثالوث رمسيس الثاني والمعبود بتاح والمعبودة سخمت من الجرانيت الوردي، وتمثال مزدوج لأمنحتب الثالث مع الإله رع-حور آختي، إضافة إلى تماثيل لأبي الهول وناووس الملك نختنبو الثاني. كما يضم الدرج تابوت الملكة مرس عنخ الثالثة وتوابيت أخرى تروي قصة الإيمان بالحياة بعد الموت، لتكون نهاية الرحلة دعوة للتأمل في فلسفة البعث والخلود التي خلدت الحضارة المصرية.

الدرج العظيم ليس مجرد ممر داخل المتحف، بل هو مشهد متكامل يربط بين الفن والعمارة والضوء. صُمم بعناية ليتجه بصريًا نحو أهرامات الجيزة، في تناغم فريد بين الماضي والحاضر. ومع دخول أشعة الشمس الطبيعية عبر السقف الزجاجي، تضيء التماثيل في مشهد يبعث الحياة في ملوك ومعبودات غابت عن الأنظار قرونًا طويلة.

يقول القائمون على المتحف إن الدرج العظيم يمثل “رحلة عبر الزمن” تبدأ من نشأة الدولة المصرية وتنتهي عند ذروة الإبداع الفني، ليمنح الزائر تجربة استثنائية تدمج بين العظمة المعمارية والرسالة التاريخية فكل تمثال هنا ليس مجرد قطعة حجر، بل صفحة من كتاب الحضارة المصرية تُروى بنورٍ جديد داخل أضخم متحف أثري في العالم.

المتحف المصري الكبير، بتماثيله وممراته المهيبة، يكتب فصلًا جديدًا من التاريخ، والدرج العظيم هو بوابته المقدسة نحو حضارة لا تنتهي.