تمثال الإله حابي من أعماق البحر إلى المتحف المصري الكبير

تمثال الإله حابي يُعد من أبرز ما كشفت عنه أعمال التنقيب في الآثار الغارقة بمدينة ثونيس–هيراكليون المطمورة تحت مياه البحر المتوسط أمام سواحل الإسكندرية. يمثل التمثال الإله حابي، رمز فيضان النيل والخصب والوفرة في الحضارة المصرية القديمة، ويجسد ارتباط المصري القديم بالماء كمصدر للحياة والتجدد.
اكتُشف التمثال أثناء أعمال بعثة التنقيب البحرية بقيادة العالم الفرنسي فرانك جوديو، حيث عُثر عليه مغموراً بالطمي والرمال في قاع البحر، محتفظاً بجماله ورونقه رغم مرور آلاف السنين. صنع التمثال من الجرانيت الأحمر بارتفاع يزيد على خمسة أمتار، ويظهر فيه الإله حابي في هيئة رجل ممتلئ الجسد، يحمل قرابين النهر في إشارة إلى العطاء والخصوبة التي يجلبها فيضان النيل كل عام.
بعد انتشاله من الأعماق، خضع التمثال لعمليات ترميم دقيقة لإزالة الأملاح والرواسب البحرية التي تراكمت عليه، واستُخدمت أحدث التقنيات في صون الآثار الغارقة للحفاظ على ألوانه ونقوشه الأصلية. ثم نُقل ليُعرض في معارض دولية كبرى، أبرزها معرض "المدن الغارقة: عوالم مصر المفقودة" الذي أُقيم في المتحف البريطاني، حيث جذب أنظار الزوار بوصفه شاهداً على حضارةٍ خرجت من بين أمواج البحر.
واليوم، يستقر تمثال الإله حابي بالمتحف المصري الكبير، ليُروى من خلاله فصل جديد من تاريخ مصر القديمة، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، والنهر بالبحر، والرمز بالخلود. يقف التمثال شامخاً وسط روائع المتحف كرسالة خالدة تؤكد أن آثار مصر، مهما غابت في الأعماق، تعود دوماً لتُشرق من جديد على أرضها.

