مركب خوفو ورحلتها من النقل إلى المتحف المصري الكبير

منذ اكتشافها في عام 1954 على يد الأثري المصري محمد زكي نور وإعلان عن الكشف الاثري كمال الملاخ بالقرب من قاعدة الهرم الأكبر بالجيزة، تُعد مركب خوفو واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. فقد عُثر عليها مدفونة في حفرة صخرية محكمة الإغلاق، إلى جوار الهرم مباشرة، داخل أكثر من ألف ومئتي قطعة خشبية من خشب الأرز اللبناني، رُصّت بعناية مذهلة لتبقى محفوظة قرابة خمسة آلاف عام.
كان الهدف من المركب، بحسب الاعتقاد الديني في مصر القديمة، هو أن يستخدمها الملك خوفو — ثاني ملوك الأسرة الرابعة وصاحب الهرم الأكبر — في رحلته الأبدية مع إله الشمس رع عبر السماء. وقد أُعيد تركيب المركب بدقة استثنائية في المتحف المصري بالهرم بعد سنوات طويلة من أعمال الترميم استغرقت قرابة عقد من الزمان.
ومع إنشاء المتحف المصري الكبير، تقرر نقل المركب إلى مقره الجديد ليُعرض في بيئة أكثر تطورًا وأمانًا. تمت عملية النقل التاريخية في أغسطس عام 2021، بعد استعدادات هندسية ولوجستية دقيقة استمرت لعدة أشهر، شارك فيها المجلس الأعلى للآثار وفريق من المهندسين بالمقاولون العرب، وباستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لحماية الأثر من الاهتزاز أو التلف.
جرى رفع المركب داخل هيكل مخصص للنقل، يزن أكثر من 60 طناً، ثم نُقل عبر طريق خاص إلى مبنى العرض الجديد بالمتحف المصري الكبير، في عملية استغرقت عشر ساعات كاملة. واعتُبرت تلك الرحلة واحدة من أكبر وأدق عمليات النقل الأثري في العالم.
اليوم، تستقر مركب خوفو في قاعة متحف ملحقة بالمتحف المصري الكبير، لتُروى من جديد قصة الملك العظيم وبراعته في العمارة والفكر الديني، ولتكون شاهدًا خالدًا على عبقرية المصري القديم التي ما زالت تبهر العالم حتى يومنا هذا.

